بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ

كيف تتصرف الزوجة مع الزوج العنيف

الزواج في الإسلام ميثاقٌ غليظ يقوم على المودة والرحمة والسكينة، وليس ساحةً للعنف أو الإهانة. فالقوامة التي أعطاها الله للرجل هي مسؤولية ورحمة، وليست تسلطًا أو قسوة. والعنف الزوجي، سواء كان جسديًا أو لفظيًا أو نفسيًا، يُعد من أخطر الأمور التي تهدد استقرار الأسرة وكرامة الزوجة وأمن الأبناء.

قال النبي ﷺ: “لا ضرر ولا ضرار”، وأمر بالمعاملة الحسنة مع الزوجة وجعلها حقًا من حقوقها. لذا فإن الزوجة التي تواجه عنفًا زوجيًا يجب أن تعرف حدود الشرع وكيفية التعامل مع هذا الابتلاء بحكمة ووعي.


⚖️ أولًا: فهم طبيعة العنف الزوجي

العنف بين الزوجين له أشكال متعددة:

  • العنف الجسدي: كالضرب أو الإيذاء المباشر.

  • العنف اللفظي والنفسي: كالسب، والإهانة، والإذلال، والتجريح المستمر.

  • العنف المالي أو التحكم: منع النفقة أو التحكم الزائد في الموارد.

وكل هذه الأفعال محرمة شرعًا وتخرج الزوج عن هدي الإسلام في القوامة، التي أمر الله أن تكون رحمة وعدلاً.


🌿 ثانيًا: أثر العنف على الأسرة

العنف الزوجي يؤدي إلى:

  • فقدان الأمان والسكينة داخل البيت.

  • ضياع الثقة والمودة بين الزوجين.

  • تأثير سلبي على الأبناء، نفسيًا وتربويًا، ويزرع فيهم الخوف أو العدوانية.

  • انحدار العلاقة الزوجية نحو الصراع المستمر، ما يهدد استقرار الأسرة كله.

الأسرة المسلمة لا تستقيم مع زوج عنيف، فحفظ النفس والأهلية ركن أساسي في الشريعة.


💬 ثالثًا: واجب الزوجة تجاه الزوج العنيف

إذا ابتُليت الزوجة بعنف زوجها، فعليها التصرف وفق الخطوات الشرعية الحكيمة:

  1. حماية النفس والأبناء أولًا: إذا كان العنف يشكل خطرًا، فابتعدي فورًا عن الضرر، واطلبي المساعدة من العائلة أو الجهات المختصة.

  2. النصيحة بالحكمة والموعظة الحسنة: تذكريه بواجباته الدينية: “خيركم خيركم لأهله”، وأن القسوة والعنف محرمة.

  3. التحدث بهدوء: ابتعدي عن التوبيخ أو الجدال الحاد، وركزّي على الإصلاح والتفاهم.

  4. الاستعانة بالصالحين: اللجوء إلى أهل الحكمة أو علماء موثوقين لإصلاحه وتنبيهه لمسؤوليته.

  5. عدم السكوت عن الظلم: الصبر المشروع لا يعني السكوت على الإهانة أو الأذى؛ فكرامة الزوجة محفوظة ومقدسة.


🚫 رابعًا: متى لا يجوز الاستمرار معه؟

إذا استمر الزوج في العنف ورفض الإصلاح أو النصيحة، وأصبح سببًا للأذى الجسدي أو النفسي، فـالشرع يبيح لها الفصل والابتعاد حفاظًا على نفسها وأولادها.
قال الله تعالى:

﴿فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْتَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ﴾ [البقرة: 229]

والخروج من بيئة العنف هو حق مشروع، والابتعاد عنها واجب لحماية الدين والنفس والكرامة.


🌸 خامسًا: الدعاء والاستعانة بالله

الله سبحانه وتعالى ولي الصابرين والمعينين على البلاء. فالزوجة يجب أن تلجأ إلى الدعاء، وتطلب الهداية للزوج، وأن تثق أن الله قادر على إصلاح الأحوال.
وإن كانت هناك إمكانية للإصلاح، فالنية الصادقة والإرادة القوية من الزوج تجعل الإصلاح ممكنًا، وإلا فالحق في الانفصال والابتعاد محفوظ.


🌿 خاتمة

العنف الزوجي انتهاك للحقوق وخرق للميثاق الشرعي، والزوجة المسلمة عليها أن تحمي دينها وكرامتها وأطفالها.
فالزواج عبادة ومسؤولية، وليس ساحة للقسوة أو الإهانة. ومن ابتُلي بعنف زوجها، فعليها أن تتعامل بحكمة، وتصبر مع اتخاذ الأسباب الشرعية، ولا ترضى بعيش في ظلم.


🌺 في موقع الزواج السعيد

نؤكد أن الزواج الإسلامي يقوم على المودة والرحمة وحسن الخلق، وأن من أهم معايير اختيار الزوج أن يكون رجلًا صالحًا غير عنيف، حريصًا على دينه وأهله، لأن الأسرة المسلمة لا تستقيم إلا مع زوج يتقي الله ويعامل زوجته بالرحمة والإحسان.