بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ

الزوج الذي يشرب الخمر أو يتعاطى المخدرات

الزواج في الإسلام ميثاق يقوم على المودة والرحمة، لكنه لا يكتمل إلا إذا بُني على التقوى وحسن الخلق. فالزوج الصالح هو من يخاف الله في نفسه وأهله، ويجتنب المحرمات التي تدمّر العقل والجسد والبيت.
ومن أعظم هذه المحرمات الخمر والمخدرات، التي وصفها النبي ﷺ بأنها “أمُّ الخبائث”، لما يترتب عليها من أضرارٍ عظيمة على الدين والنفس والعائلة والمجتمع.


⚖️ أولًا: حكم شرب الخمر والمخدرات في الإسلام

الخمر محرّمة تحريمًا قطعيًا في كتاب الله وسنة رسوله ﷺ، قال تعالى:

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾
[المائدة: 90]

وقال النبي ﷺ:

«كل مسكر خمر، وكل خمر حرام.»
(رواه مسلم)

وما يسمى اليوم بالمخدرات داخل في حكم الخمر؛ لأنها تذهب العقل وتؤدي إلى الفساد والهلاك، فهي محرّمة شرعًا مثلها تمامًا.


🌿 ثانيًا: أثر شرب الخمر والمخدرات على الحياة الزوجية

شرب الخمر والمخدرات لا يدمّر الفرد فقط، بل يُفسد البيت كله، إذ يؤدي إلى:

  1. ضياع الثقة بين الزوجين، وفقدان الاحترام والمودة.

  2. إهمال النفقة والمسؤوليات الأسرية بسبب انشغال الزوج بإدمانه.

  3. انتشار العنف والخصام داخل البيت.

  4. تأثر الأبناء سلوكًا وتربيةً، لأن القدوة السيئة تترك أثرًا عميقًا في نفوسهم.

الزوج المدمن يُفقد الأسرة الأمان والاستقرار، ويجعل البيت ساحةً للاضطراب والخوف.


💬 ثالثًا: واجب الزوجة تجاه هذا الموقف

إذا ابتُليت المرأة بزوجٍ يشرب الخمر أو يتعاطى المخدرات، فعليها أن تتصرّف بحكمةٍ وحرصٍ على دينها وأسرتها، وفق الخطوات التالية:

  1. تنصحه وتذكّره بالله، وتبيّن له أن ما يفعله كبيرة من الكبائر وأن التوبة واجبة فورًا.

  2. تحاوره بهدوء دون فضيحة أو تشهير، لعلّ قلبه يلين ويستجيب للنصح.

  3. تشجّعه على العلاج، فالإدمان مرضٌ يحتاج إلى إرادة وعلاجٍ طبيٍّ وروحيٍّ معًا.

  4. تسعى في إصلاحه قدر استطاعتها بالدعاء، واللجوء إلى من يستطيع التأثير عليه من العلماء أو الأقارب الصالحين.

  5. تحافظ على نفسها وأولادها، فلا تتركهم عرضة للضرر أو الأذى الجسدي والنفسي.


🚫 رابعًا: متى لا يجوز الاستمرار معه؟

إن تاب الزوج وترك هذه المعصية وظهر صدق توبته، فواجبها الصبر عليه ومساعدته على الثبات، فالله يحب التوابين.
أما إذا أصرّ على شرب الخمر والمخدرات، وأصبح مصدر أذًى لزوجته وأبنائه، ورفض التوبة والعلاج، فحينها لا يجوز للزوجة البقاء معه إن ترتّب على ذلك ضياع دينها أو نفسها أو أولادها.

فالإسلام لا يرضى أن تعيش المرأة في بيئةٍ فاسدة تهدد دينها وأمنها، وقد قال الله تعالى:

﴿فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ﴾
[البقرة: 229]


🌸 خامسًا: التوبة باب مفتوح

من رحمة الله أن باب التوبة مفتوح لكل من أراد العودة إليه.
فلو تاب الزوج بصدق، وأقلع عن المعصية، وعزم على عدم العودة، تاب الله عليه وغفر له، كما قال تعالى:

﴿إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا﴾
[الزمر: 53]

فعلى الزوجة أن تكون معينةً له على التوبة، تشجّعه وتدعمه إن رأت منه صدقًا في الإصلاح.


🌿 خاتمة

الزواج عبادة ومسؤولية، وليس ساحةً للفجور أو اللهو.
ومن أراد أن يُقيم بيتًا مسلمًا فعليه أن يطهّر نفسه من المحرمات، لأن الأسرة لا تستقيم مع زوجٍ غائب العقل أو فاسد السلوك.
أما الزوجة المؤمنة، فلتجعل دينها أولاً، وتبذل ما تستطيع للإصلاح، فإن تاب الزوج فالحمد لله، وإن أصرّ على فساده، فالفراق في سبيل الله خير من البقاء في الحرام.


🌺 في موقع الزواج السعيد

نؤكد أن الزواج الإسلامي يقوم على التقوى وحسن الخلق، وأن من أهم معايير الاختيار أن يكون الخاطب تقيًّا بعيدًا عن المعاصي المهلكة كالخمر والمخدرات.
وننصح كل مقبلة على الزواج أن تتحرى عن صلاح دين الخاطب وسلوكه قبل أي شيء، فالتدين الحقيقي هو الضمان الأول لحياةٍ كريمةٍ وسعيدة.