التعامل مع الزوج الذي لا يبذل جهدًا لإعالة عائلته ماديًا
الزواج في الإسلام يقوم على المسؤولية والمودة والعدل، ولكل من الزوجين واجبات تجاه الآخر. ومن أهم واجبات الزوج النفقة والسعي في كسب الرزق، لأنها دليل على رجولته وأمانته، وأمرٌ أوجبه الله عليه.
لكن بعض النساء يُبتلين بزوجٍ لا يبذل جهدًا في إعالة أسرته، إمّا كسلًا أو اتكالًا أو تقصيرًا متعمدًا، فكيف يكون التعامل مع هذا الموقف بحكمةٍ ووفق هدي الإسلام؟
⚖️ أولًا: التذكير بأن النفقة واجب شرعي على الزوج
قال الله تعالى:
﴿الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ﴾ [النساء: 34].
والنبي ﷺ قال:
«كفى بالمرء إثمًا أن يضيّع من يقوت.»
(رواه مسلم)
فالنفقة ليست منّة، بل واجب شرعي على الزوج تجاه زوجته وأولاده، تشمل الطعام والكسوة والسكن والحاجات الأساسية، بقدر استطاعته.
🌿 ثانيًا: التفرقة بين العاجز والمتكاسل
من العدل والإنصاف أن تُفرّق الزوجة بين:
-
الزوج العاجز فعلاً عن الكسب لمرضٍ أو عجزٍ بدني أو ظروفٍ قاهرة، فهذا يُعذر ويُعامل بالرحمة والدعم.
-
والزوج القادر المتكاسل الذي يرفض العمل أو يعتمد على غيره دون سبب شرعي، فهذا يحتاج إلى نصيحةٍ وإصلاح، لأن الكسل عن النفقة تفريط في القوامة.
💬 ثالثًا: التحدث معه بالحكمة والمصارحة الهادئة
ابدئي الحديث بأسلوبٍ لطيف بعيد عن التوبيخ، فالمقصد هو الإصلاح لا الإهانة.
-
عبّري عن مشاعرك واحتياجاتك بلغة احترام: “أنا أشعر بالتعب من كثرة المسؤوليات، وأحتاج أن نتحمّلها معًا كما أمر الله.”
-
ذكّريه بواجباته الدينية: “النفقة على الأهل عبادة عظيمة يؤجر عليها الإنسان.”
الحوار الهادئ قد يوقظ ضميره ويعيده لمسؤولياته.
رابعًا: حفّزيه لا تهاجميه
بعض الأزواج يحتاج إلى تشجيع لا إلى انتقاد.
امدحي أي خطوة إيجابية منه، وشجعيه على الاجتهاد.
ويمكنك أن تشاركيه في وضع خطة مالية بسيطة للأسرة: تحديد أولويات، تنظيم المصروف، التفكير في مشروعٍ صغير أو عملٍ إضافي.
الهدف هو تحريك الإرادة لا إشعال النزاع.
💡 خامسًا: الاستعانة بالحكماء عند الحاجة
إذا استمر الزوج في تقاعسه رغم النصح، يمكن اللجوء إلى أحد الحكماء من العائلة أو داعية موثوق ليذكّره بمسؤوليته الشرعية.
فقد قال تعالى:
﴿فَابْعَثُوا حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا﴾ [النساء: 35].
الوساطة الحكيمة قد تُعيد التوازن وتُصلح ما فسد، خاصة إن كان الزوج يحتاج إلى تذكيرٍ من غير زوجته.
سادسًا: الصبر مع اتخاذ الأسباب
إن كان الزوج يُبدي نية الإصلاح، فامنحيه فرصة مع الدعاء له، وتعاوني معه على تجاوز الصعوبات.
أما إن كان يرفض المسؤولية تمامًا ويُحمّل الزوجة كل الأعباء دون مبرر، فحينها يجوز لها أن تطلب النفقة الشرعية أو الفصل القضائي إن لزم الأمر، حفاظًا على حقها وكرامتها.
🌸 سابعًا: لا تنسي الدعاء والاستعانة بالله
الهداية بيد الله، وقد يبدّل الله حال الزوج من كسلٍ إلى نشاط، ومن غفلةٍ إلى مسؤولية.
فاستعيني بالله، وادعي له في سجودك أن يُلهمه الرشد، ويبارك في رزقه، ويجعله عونًا لكِ على طاعة الله.
🌺 خاتمة
الرجولة ليست بكثرة المال، ولكن بالسعي لتحصيله بالحلال والقيام بالواجبات.
والزوجة الصالحة تكون معينًا لا معيقًا، تُذكّر زوجها بالله وتدعمه ليؤدي دوره كما يحب الله ويرضى.
فإذا اجتمع الصبر مع الحوار والإيمان، وُفّق البيت وسادت فيه البركة والسكينة.
🌿 في موقع الزواج السعيد نذكّر بأنّ القِوامة ليست سلطة، بل مسؤولية عظيمة، وأنّ من تمام الرجولة أن يكون الرجل ساعيًا لإعالة أهله بالرزق الحلال، كما نذكّر المقبلين على الزواج بضرورة سؤال الخاطب عن حرصه على العمل والإنفاق قبل الارتباط، ضمانًا لاستقرار الحياة الزوجية.

