بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ

أثر وسائل التواصل في اختيار الشريك

في زمنٍ أصبحت فيه وسائل التواصل الاجتماعي جزءًا من تفاصيل حياتنا اليومية، لم يعد غريبًا أن نسمع عن أشخاص تعرّفوا على بعضهم عبر هذه المنصات.
لكن السؤال الذي يجب أن يُطرح:
هل يمكن الوثوق بوسائل التواصل في اختيار شريك الحياة؟
وهل هذه الوسائل تساعد فعلاً في بناء زواج ناجح، أم أنها تفتح أبواب الفتنة وسوء الظن؟


🕋 أولًا: نظرة الإسلام إلى التعارف قبل الزواج

الإسلام دين الطهارة والعفة، وقد جعل الزواج سبيلًا شريفًا للتعارف بين الرجل والمرأة.
قال تعالى:

“وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا” [الروم:21]

لكن هذا التعارف لا يكون بحرية مطلقة أو تواصلٍ بلا ضوابط، بل في إطارٍ شرعي محترم، يضمن حفظ الدين والكرامة والنية الصالحة.
أما ما يجري في بعض وسائل التواصل من محادثات ومتابعات وتبادل للصور والمشاعر، فهو باب من أبواب الفتنة، قد يبدأ ببراءة وينتهي بالحرام.


💬 ثانيًا: الإيجابيات المحتملة لوسائل التواصل

لا يمكن إنكار أن وسائل التواصل قد تُستخدم بشكل نافع، إذا تم ذلك ضمن ضوابط شرعية صارمة، مثل:

  • استخدام مواقع زواج إسلامية منضبطة بإشراف إداري.

  • وجود نية جادة وواضحة للزواج من البداية.

  • التواصل يتم عبر جهة رسمية أو وليّ أمر، لا بشكل شخصي مباشر.

في هذه الحالة، يمكن أن تكون الوسائل الرقمية أداة للتقريب بين من يبحثون عن الحلال في بيئة آمنة.


💔 ثالثًا: المخاطر الواقعية والشرعية

لكن الواقع يُظهر أن معظم العلاقات التي تبدأ عبر وسائل التواصل تنتهي بخيبة أو فشل، لأسبابٍ منها:

  1. الزيف في المظهر والمعلومات؛ فكثيرون لا يُظهرون حقيقتهم.

  2. سهولة التلاعب بالعواطف واستغلال الطرف الآخر.

  3. انعدام الرقابة والحدود الشرعية في الكلام والمراسلة.

  4. الاندفاع العاطفي قبل معرفة الشخصية الحقيقية للطرف الآخر.

ولهذا جاءت الشريعة لتُغلق أبواب الفتنة وتحفظ القلوب من التعلّق الموهوم.


🧭 رابعًا: الطريقة الشرعية لاختيار الشريك

من أراد الزواج، فليلتزم بما أرشد إليه الإسلام:

  • طلب الشريك الصالح عبر الطرق الشرعية المأمونة (الأهل، المعارف، المواقع الإسلامية الموثوقة).

  • السؤال عن الخلق والدين قبل كل شيء.

  • الاستخارة والاستشارة قبل اتخاذ القرار.

قال النبي ﷺ:

“تُنكح المرأة لأربع… فاظفر بذات الدين تربت يداك.”

والعكس كذلك، فالرجل يُختار لدينه وخلقه.


🌿 خامسًا: موقف “الزواج السعيد”

في موقع الزواج السعيد نؤمن بأن الزواج عبادة لا مجال فيها للتجارب أو العلاقات العابثة، ولهذا:

  • نمنع التواصل المباشر بين الجنسين.

  • لا نعرض الصور أو التفاصيل الجسدية.

  • نحرص على الجدية والنية الصالحة في كل طلب زواج.

بهذا نحفظ كرامة الجميع، ونُتيح وسيلة آمنة ومشروعة لاختيار شريك الحياة وفق تعاليم الإسلام.


 ختامًا

وسائل التواصل ليست خيرًا مطلقًا ولا شرًا مطلقًا، ولكنها أداة، والخير أو الشر في كيفية استخدامها.
فمن استخدمها في الحلال، وفق حدود الله، نال البركة والتوفيق.
ومن تجاوز الضوابط، جنى الندم والمشاكل.

قال تعالى:

“وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا” [الطلاق:4]

فاحرص أن يكون طريقك إلى الزواج طريقًا طاهرًا يرضي الله،
وابتعد عن كل ما يشوه نيتك أو يجرّك إلى الحرام،
فمن بدأ زواجه بالحلال، كتب الله له الزواج السعيد بإذن الله