يا من تُلوّح بالطلاق…
قف قليلًا، فالكلمة ليست مزحة**
في بعض البيوت، لا يكاد يمرّ خلاف بسيط — سوء فهم، كلمة عابرة، غضب لحظي — إلا ويخرج الزوج ملوّحًا بعبارة:
“نطلقك!”
أو
“يمكن نرتاح من بعض!”
أو
“الطلاق أهون!”
وكأن الطلاق باب صغير يُفتح ويُغلق متى شاء.
وكأن الكلمة لا تُهدم بها أسرة، ولا تتشقق بها القلوب، ولا ترتعد لها المرأة والأطفال.
هذه المقالة ليست لتوبيخ أحد، بل لتذكيرك — برفق — بأن الطلاق ليس لعبة ولا فزّاعة، وأن الرجل الكامل لا يرفع هذا السلاح إلا عند الضرورة القصوى.
🌿 أولًا: الطلاق كلمة تهزّ البيت… حتى لو لم يقع
المرأة قد تصبر على ضيق المال، وتحمّل عيوبك، وتتنازل كثيرًا،
لكن كلمة الطلاق تخلع الأمن من قلبها، لأن فيها:
-
تهديدًا
-
إهانة
-
إحساسًا بعدم الأمان
-
إسقاطًا لقيمة العِشرة
وما من امرأة سمعت التلويح بالطلاق إلا وفقدت شيئًا من حبّها،
وتراجعت ثقتها،
وانكسر جزء من روحها.
🌿 ثانيًا: الرجل الذي يلوّح بالطلاق… يخسر احترام زوجته دون أن يشعر
احترام المرأة لزوجها لا يأتي من القوة ولا الصوت العالي،
بل من:
-
ثباته
-
رجولته
-
حكمته عند الغضب
-
قدرته على الاحتواء
وعندما يلوّح الرجل بالطلاق كلما اشتعل النقاش،
تراه في نظرها:
-
غير ثابت
-
غير مأمون
-
لا يملك أعصابه
-
ولا يستطيع حماية بيته
فتبدأ المسافة بينهما تكبر… صامتة.
🌿 ثالثًا: الغضب لا يبرر استخدام أخطر كلمة في الإسلام
الغضب ليس عذرًا، لأن:
-
غضب يجرّ كلمة
-
والكلمة تجرّ هدم
-
والهدم يجرّ ندمًا لا يُصلح ما انكسر
النبي ﷺ كان يغضب… لكنه لم يستخدم الطلاق كأسلوب ضغط أو عقاب.
والرجل المسلم يأخذ هديه، فيكون سيدًا على نفسه عند الغضب، لا عبدًا لها.
🌿 رابعًا: الحياة الزوجية ليست مباراة شدّ حبل
حين تلعب بالطلاق، فأنت تستخدم:
-
التهديد
-
التخويف
-
السيطرة
-
الإجبار
لكن الزواج الحقيقي يقوم على:
-
الرحمة
-
المودة
-
الشورى
-
الحنان
-
والرفق
والقوة الحقيقية ليست في قدرتك على قول “أطلّق”،
بل في قدرتك على إصلاح ما بينك وبين زوجتك دون أن تكسر قلبها.
🌿 خامسًا: بعض الأزواج يلوّح بالطلاق لأنهم لا يعرفون لغة أخرى
بعضهم يقولها لأنه:
-
لا يعرف كيف يعبّر عن غضبه
-
لا يجيد حل الخلاف
-
يشعر بالعجز فيلجأ لأقوى كلمة
-
أو يريد فقط إسكات زوجته
لكنّ الناضج يختار كلمات تحفظ بيته، لا كلمات تهدمه.
🌿 سادسًا: ماذا تفعل عندما يشتد الغضب؟
ضع خطة بسيطة:
-
اصمت دقيقتين
فقط اغلق فمك. الكلمة التي لا تُقال… لا تُخرّب. -
غيّر مكانك
اخرج للغرفة أو للسيارة أو توضأ. -
قل جملة تحفظك:
“لن أقول كلمة نندم عليها.” -
عد للنقاش بعد أن تهدأ.
بهذه الأربع خطوات… تُنقذ خمسة أرواح:
أنت، زوجتك، أطفالك، بيتك، ومستقبلك.
🌿 سابعًا: إن كنت تضغط على زوجتك بالطلاق… فأنت تخسر أجمل ما فيها
الزوجة التي تعيش مهددة لا يمكن أن:
-
تحب بصدق
-
تعطي حنانًا
-
تفرح
-
تزرع الطمأنينة
-
أو تشعر بأنها شريكة في البيت
والمؤلم أنك ستقول يومًا:
“لماذا تغيّرت زوجتي؟”
والجواب ببساطة:
لأنك كسرت أمانها بكلمة الطلاق.
🌿 ثامنًا: الطلاق شرع… لكنه آخر الدواء
نعم، الله شرعه رحمة،
لكن شرعه عند الضرورة، لا عند كل اختلاف.
والفقهاء يقولون:
“الطلاق مبغوض عند الله إذا كان لغير حاجة.”
فكيف نجعل المبغوض عادة؟
وكيف نجعل آخر الدواء… أول خيار؟
🌿 رسالة من القلب
يا رجل… يا من تحب أهلك مهما اختلفتم:
لا تجعل كلمة الطلاق تخرج قبل أن تخرج آخر أنفاس الصبر والمحاولات.
أولادك يستحقون بيتًا آمنًا،
وزوجتك تستحق كلمة تطمئنها لا تخوّفها،
وأنت تستحق أن تكون رجلًا يملك نفسه… لا كلمة تهدم حياته في لحظة غضب.
🌿 خلاصة الزواج السعيد
لا تُلوّح بالطلاق…
فالزواج أمان، والأمان لا يعيش تحت الظلّ.

