نظرة الإسلام إلى العادة السرية: أحكام وبيان
فهمٌ يُهذّب النفس، ويُعيد للغريزة قدسيتها
كثيرون يتساءلون:
ما حكم العادة السرية؟ ولماذا حذّر الإسلام منها؟ وهل هناك استثناءات؟
أسئلة تتكرر، وفيها حرص على طهارة القلب، ورغبة في السير على منهج الله.
ولأن منهج الإسلام ليس غامضًا ولا قاسيًا، نكتب هذا المقال لنبين الحكم، والغاية، والرحمة التي يحملها هذا التشريع.
🌸 أولًا: لماذا تحدثنا الشريعة عن الشهوة أصلاً؟
الإسلام لا يُعادي الغريزة، بل:
-
يُهذبها
-
يُنظمها
-
ويجعلها طريقًا إلى الحلال والسعادة
فليست الشهوة عيبًا، إنما العيب في أن تُصرف في غير ما أباحه الله.
ولهذا قال تعالى في وصف المؤمنين:
“وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ، إِلَّا عَلَىٰ أَزْوَاجِهِمْ…”
🌿 ثانيًا: حكم العادة السرية بإجماع جمهور العلماء
🔸 1. الأصل أنها محرّمة
لأنها:
-
تُخالف حفظ الفرج
-
تُضر بالقلب
-
وتضعف النفس أمام الشهوة
-
وتفتح بابًا لمزيد من المعاصي
ولأن الله تعالى قال:
“فَمَنِ ابْتَغَىٰ وَرَاءَ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْعَادُونَ.”
والعادة السرية “وراء ذلك”، ولهذا عدّها العلماء تجاوزًا لحدود الله.
🔸 2. بعض العلماء خفّفوا الحكم عند الخوف من الوقوع في الفاحشة
وليس عند مجرد “الرغبة” أو “الملل”.
فإذا وصل الإنسان إلى مرحلة يخشى فيها الزنا خوفًا حقيقيًا، لا وهمًا، جاز له من باب دفع أعظم الضررين.
لكن:
-
هذا ليس إباحة عامة
-
ولا يُتخذ عادة
-
ولا يُستباح دون ضرورة ملحّة
والأصل في المسلم أن يحفظ نفسه، ويجاهد هواه.
🌼 ثالثًا: لماذا حرّمها الإسلام؟ (حِكَم عظيمة)
1️⃣ لأنها تُضعف الإرادة
من اعتاد أن يستجيب لشهوته بسرعة… سيصعب عليه ضبط نفسه عن الحرام.
2️⃣ لأنها تُشوّه معنى الزواج
فالزواج ليس جسدًا فقط، بل سكن، وود، ومسؤولية…
والعادة تزرع في النفس “الاكتفاء الفردي” وتضعف الارتباط الحلال.
3️⃣ لأنها تربط القلب بالخفاء
والمعاصي الخفية أخطر من الظاهرة، لأنها تمرّ دون نهي أو خوف من الناس.
4️⃣ لأنها تُفسد صورة المرأة أو الرجل في الذهن
وتجعل الإنسان يربط اللذة بالمشاهد المحرمة، لا بالعلاقة الحلال.
5️⃣ لأنها قد تصبح إدمانًا
خصوصًا مع وجود الإنترنت والمقاطع المحرمة.
🌿 رابعًا: هل تؤثر على الصحة؟
تأثيرها ليس دائمًا، لكن:
-
الإفراط يُتعب الأعصاب
-
ويُرهق الدماغ
-
ويزرع القلق والوساوس
-
ويضعف التركيز
-
ويشوّه التوازن النفسي
وكل ذلك ينعكس على الزواج.
لكن…
من تركها عاد طبيعيًا تمامًا، بل أقوى نفسًا وقلبًا.
🌸 خامسًا: كيف يتعامل الشاب أو الفتاة معها شرعًا؟
1️⃣ غضّ البصر
السهم الأول الذي يصيب القلب هو النظر.
2️⃣ الابتعاد عن المثيرات
وإلا فهي حرب خاسرة.
3️⃣ ملء الوقت
الفراغ باب المعاصي.
4️⃣ تقوية العلاقة بالله
الصلاة، القرآن، الدعاء… نور يطفئ نار الشهوة.
5️⃣ الصوم
وصية النبي ﷺ للشباب، وهو العلاج النبوي.
6️⃣ الزواج لمن استطاع
فهو حصن، ورحمة، وحلال يغني عن الحرام.
✨ سادسًا: خلاصة المقال
الإسلام لم يحرّم العادة السرية “تعسفًا” أو تضييقًا، بل حفاظًا على القلب، والجسد، والحياء، والزواج، والإيمان.
وما حرّم الله شيئًا إلا لأن فيه شرًا، وما أمر بشيء إلا وفيه الخير كله.
والطريق إلى الطهارة ليس مستحيلًا:
من صدق الله… عوّضه الله هدوءًا، وقوة، ونقاءً لا يعرفها إلا من جاهد هواه.
💛 نصيحة من القلب
لا تجعل شهوتك تسرق منك نقاءك.
ومن ترك لله شيئًا… عوّضه الله خيرًا منه، في الدنيا والآخرة.

