مالُ الزوجة حقٌّ خالصٌ لها
بين العدل والواجب والمسؤولية
أولًا: الشريعة صانت مال المرأة كما صانت كرامتها
جاء الإسلام فرفع مكانة المرأة،
وجعل مالها ملكًا خالصًا لها، لا يشاركها فيه أحد،
لا أبٌ ولا زوجٌ ولا ابن.
قال الله تعالى:
﴿لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبْنَ﴾
[النساء: 32]
فالمرأة في الإسلام تملك وتبيع وتشتري وتُورّث،
ولا يحقّ لزوجها أن يأخذ من مالها شيئًا إلا برضاها الكامل.
وهذا من تمام عدل الشريعة،
فهي لم تجعل الزواج إذنًا بالاستيلاء،
بل عقدَ مودةٍ ورحمةٍ واحترامٍ متبادل.
ثانيًا: مال الزوجة ملكها التام
قد يكون مال الزوجة راتبًا من عملها، أو إرثًا من والديها، أو هديةً خاصة،
وفي كل الأحوال هو مالها هي،
ولا يحق للزوج أن يتصرّف فيه أو يتحكم به.
قال النبي ﷺ في خطبة الوداع:
«إنَّ دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام، كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا.»
[رواه البخاري ومسلم]
فإذا كانت أموال الرجال محرمة على بعضهم بغير حق،
فكيف بمال الزوجة الذي أوجبت الشريعة احترامه وصيانته؟
ثالثًا: النفقة مسؤولية الزوج وحده
أوجب الله النفقة على الزوج،
وجعلها من أعظم واجباته تجاه أسرته،
سواء كانت زوجته تعمل أو لا تعمل، تملك مالًا أو لا تملك.
قال تعالى:
﴿الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ﴾
[النساء: 34]
فالقِوامة ليست تسلّطًا،
بل تكليف ومسؤولية وإنفاق.
ولا يجوز للرجل أن يقول:
“زوجتي تعمل، إذًا لا أنفق.”
بل الواجب عليه النفقة،
وما تنفقه هي فهو فضلٌ منها إن شاءت، لا واجبٌ عليها.
رابعًا: حين يطمع الزوج في مال زوجته
بعض الأزواج ـ هداهم الله ـ
يرون في عمل الزوجة فرصةً لراحة جيبهم،
فيستولون على راتبها أو يجبرونها على الإنفاق.
وهذا من الظلم والاعتداء،
وقد قال النبي ﷺ:
«اتقوا الظلم، فإن الظلم ظلمات يوم القيامة.»
[رواه مسلم]
فمن أخذ مال زوجته بغير رضاها،
فهو آكلٌ للحرام،
ولو أنفقه على بيته،
فلا يُبارك له الله في رزقه ولا في عمره.
خامسًا: العطاء بين الزوجين يكون بالمودة لا بالإجبار
الزوجة الصالحة قد تُنفق عن طيب نفس،
تعاونًا أو إحسانًا أو مشاركة في أوقات الشدة،
لكن الأصل أن يكون ذلك عن رضاٍ واختيارٍ لا عن قهرٍ واضطرار.
والزوج الكريم يفرح إذا أعانتْه زوجته،
ويشكرها ويُكرمها،
لا أن يعتبر مالها حقًّا مكتسبًا له.
سادسًا: بركة البيوت في العدل لا في الجمع
كم من رجلٍ جمع المال بظلمٍ فزال،
وكم من بيتٍ قام على العدل فدامت بركته.
فإن أراد الزوج أن يبارك الله في رزقه،
فليُنفق بكرمٍ وطيب نفس،
ولا يمدّ يده إلى ما ليس له.
قال النبي ﷺ:
«ما نقص مالٌ من صدقة.»
[رواه مسلم]
فكيف بنفقةٍ فيها عدلٌ ورحمةٌ وصيانةٌ لحقّ الزوجة؟
🌸 في موقع الزواج السعيد
نذكّر الأزواج أن القِوامة لا تعني الاستبداد،
ولا تبرّر التسلّط على أموال الزوجة،
بل معناها أن تكون راعيًا مسؤولًا،
تنفق وتكرم وتحفظ الأمانة.
والزوجة بدورها إن أنفقت عن طيب نفسٍ،
فلها الأجر المضاعف من الله،
لكن لا يُسقط ذلك واجب زوجها في النفقة.
💡 نصيحة من القلب:
يا أيها الزوج، تذكّر أن المال أمانة،
وأن الله سائلك عن كل درهمٍ أخذتَه بغير حق.
فصن أمانتك، واحفظ بيتك بالعدل لا بالطمع،
فما بُني على الظلم لا يُثمر إلا وجعًا وضياعًا.

