كيف ننظر إلى الجانب المادي في الخطبة؟
ميزان الدين والعقل
أولًا: بين واقع الحياة ومقاييس الشرع
المال جزءٌ من الحياة، ولا يمكن تجاهله عند الإقدام على الزواج،
لكن الخطأ أن يتحول إلى الميزان الوحيد الذي تُقاس به الكفاءة والقبول.
فالزواج ليس صفقة مالية، بل سكنٌ ومودة ورحمة،
قال الله تعالى:
﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً﴾
[الروم: 21]
المال وسيلة تُعين على الحياة،
لكن الدين والعقل هما الأساس الذي يُقيم الزواج على أرضٍ ثابتة.
ثانيًا: النظرة المادية المفرطة خطر على السعادة
من ينظر إلى الزواج من خلال الحسابات البنكية فقط،
سيجد نفسه في بيتٍ بلا دفءٍ ولا مودة.
كم من فتاةٍ رفضت شابًّا صالحًا لأنه لا يملك سيارة أو شقة،
ثم تمنت بعد الزواج من الغنيّ أن تعيش لحظة أمانٍ وصدق.
وكم من شابٍ اختار الجمال والثراء على حساب الدين،
فاكتشف أن السعادة لا تُشترى بالمال.
النبي ﷺ قال:
«تُنكَح المرأة لأربع: لمالها، ولحسبها، ولجمالها، ولدينها،
فاظفر بذات الدين تربت يداك.»
[متفق عليه]
فمن قدّم الدين، رزقه الله الخير في المال والعِشرة والذرية.
ثالثًا: المال مطلوب.. لكن بحكمة واعتدال
لا يعني الزهد أن يُقبل الشاب على الزواج دون استعدادٍ مادي،
ولا أن تقبل الفتاة بمن لا يملك قوت يومه دون تفكير.
بل المطلوب هو التوازن:
أن يكون لدى الشاب قدرةٌ معقولة على تحمّل المسؤولية،
ولدى الفتاة عقلٌ راجح يدرك أن الرزق بيد الله،
وأن البداية المتواضعة لا تعني حياةً تعيسة.
قال الله تعالى:
﴿إِن يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ﴾
[النور: 32]
فالوعد من الله بالغنى لمن تزوّج ابتغاء العفّة والطاعة.
رابعًا: العقل يوازن والدين يُبارك
القرار السليم في الزواج يحتاج عقلًا يُخطط، وقلبًا يؤمن.
فالعقل ينظر إلى الإمكانات،
والدين يُذكّر أن الرزق لا يُطلب بمعصيةٍ أو بترك الحلال.
قال بعض السلف:
“من تزوج يريد العفّة أعانه الله، ومن تزوج يريد الغنى رزقه الله.”
فليكن التفكير المادي منضبطًا بالإيمان،
لا جشعًا ولا تهوّرًا، بل سعيًا برؤيةٍ متزنةٍ ورضا بالقليل.
خامسًا: في الزواج السعيد
نذكّر الآباء والأمهات والشباب والفتيات أن المال لا يصنع زواجًا ناجحًا، لكنه يُزيّنه حين يُباركه الإيمان.
فاحرصوا أن يكون الدين والعقل هما المعيار الأول في القَبول،
ثم يأتي الجانب المادي بعد ذلك في مرتبته الطبيعية،
كعاملٍ مساعد لا أساسٍ يُبنى عليه الزواج.
💡 نصيحة من القلب
قبل أن تسأل: “كم يملك؟”
اسأل: “ما خلقه؟ ما صلاته؟ كيف تعامله مع والديه؟”
وقبل أن تقول: “هل تملك بيتًا؟”
اسأل: “هل في بيتها إيمانٌ يزرع الطمأنينة؟”
فالمال إن اجتمع مع الدين والعقل صار نعمة،
وإن انفصل عنهما صار فتنة.

