بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ

كثرة الأبناء… بركة في الأرض وامتداد في الأجر

أولًا: دعوة النبي ﷺ إلى كثرة النسل

من مقاصد الزواج في الإسلام أن يُكثّر الله به نسل المؤمنين، لتبقى الأمة قويةً عامرةً بالخير والعبادة والعمل الصالح.
قال النبي ﷺ:

«تَزَوَّجُوا الْوَدُودَ الْوَلُودَ، فَإِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمُ الْأُمَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ»
[رواه أبو داود والنسائي]

فكثرة الأبناء ليست عبئًا كما يظن بعض الناس، بل هي شرفٌ وفخرٌ للأمة الإسلامية، لأنّ في كل مولودٍ روحًا جديدة تُسبّح الله وتُعمر الأرض بطاعته.


ثانيًا: الأبناء زينة الحياة ومتاع القلوب

قال الله تعالى:

﴿الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾
[الكهف: 46]

فالأبناء زينةٌ للبيت، وسرّ السعادة لكثيرٍ من القلوب.
كل طفلٍ يولد يحمل معه رزقه، كما قال النبي ﷺ:

«لو أنكم توكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير، تغدو خماصًا وتروح بطانًا»
[رواه الترمذي]

فلا ينبغي أن يمنعنا الخوف من الرزق من استقبال الهبة الإلهية، فالله هو الرازق، وهو القائل:

﴿نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ﴾
[الإسراء: 31]


ثالثًا: بركة الأبناء في الدنيا والآخرة

كثرة الأبناء ليست عددًا فحسب، بل بركةٌ تمتد في الدنيا والآخرة:

🔹 في الدنيا: يعينون والديهم عند الكبر، ويكونون سندًا للأسرة، وتعاونًا في البرّ والخير.

🔹 في الآخرة: يمتد أثر الوالدين الصالحين في ذريّتهم، كما قال النبي ﷺ:

«إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علمٍ يُنتفع به، أو ولدٍ صالحٍ يدعو له»
[رواه مسلم]

فكل ولدٍ صالحٍ هو امتداد لأعمال والديه، يزيدهما أجرًا بعد وفاتهما.


رابعًا: خطأ النظرة المادية لكثرة الأبناء

في هذا العصر، تغيّرت المفاهيم، وأصبح بعض الناس يخاف من كثرة الأولاد، بحجّة المصاريف أو ضيق المعيشة.
لكنّ المؤمن يعلم أن الذي خلقهم هو الذي يرزقهم، وأنّ الرزق ليس في المال فقط، بل في البركة والطمأنينة والسعادة التي تملأ البيت.

وما أكثر من كان غنيًّا بلا ولدٍ يعيش في وحدةٍ وكآبة،
وما أكثر من كان بسيطًا في رزقه لكنّ بيته عامرٌ بالأطفال، عامرٌ بالضحك والحياة.


خامسًا: التربية أهم من العدد، ولكن العدد نعمة

صحيح أن التربية مسؤولية، وأن تربية الأبناء تحتاج جهدًا وصبرًا،
لكن كثرتهم لا تعني الإهمال، بل تعني تنظيم الجهد، وتقسيم المسؤولية، وغرس القيم بالتدرج.

والأبناء إذا رُبّوا على الدين والخلق، صاروا جنودًا للحقّ لا عبئًا على الحياة.
فمن أحسن تربية أبنائه الكُثر، كان له الأجر مضاعفًا بعددهم، لأنّ كل واحدٍ منهم صدقةٌ جاريةٌ في ميزانه.


سادسًا: بركة العدد في التعاون والمودّة

البيت الذي يكثر فيه الأبناء يكثر فيه التعاون والمشاركة، ويتعلّم الصغار معنى العطاء والرحمة من إخوانهم.
فالطفل الوحيد قد يعيش في عزلةٍ أو أنانية،
أما من نشأ بين إخوةٍ كُثر، فيتعلم الصبر، والمشاركة، والحب، والتسامح.

قال بعض الحكماء:

“كثرة الأبناء لا تُضيق الرزق، بل تُوسّع القلب.”


🌺 في موقع الزواج السعيد

نؤمن بأنّ الذرية الصالحة هي أثمن كنزٍ يتركه الإنسان بعده،
وأنّ الإكثار من الأبناء مع حسن تربيتهم عبادةٌ يُحبها الله، وسببٌ في رفعة الأمة وقوتها.

فلنستقبل أبناءنا برضا وامتنان،
ولنغرس فيهم الإيمان والخلق،
فكلّ مولودٍ يولد في بيتٍ مؤمن هو لبنةٌ جديدة في بناء أمةٍ طاهرةٍ قوية.