بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ

حُسنُ التدبير المنزلي

فنّ العيش ببركةٍ ورضًا


أولًا: التدبير عبادةٌ قبل أن يكون مهارة

ليس حسنُ التدبير مجرد ذكاءٍ مالي أو حرصٍ اقتصادي،
بل هو عبادةٌ تُرضي الله،
لأنها تقوم على القناعة، والشكر، والبعد عن التبذير والإسراف.

قال الله تعالى:

﴿وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَٰلِكَ قَوَامًا﴾
[الفرقان: 67]

فالتدبير هو أن تعيش في وسطٍ مبارك،
لا في إسرافٍ يُبدّد النعم،
ولا في تقتيرٍ يُذهب بهجة الحياة.


ثانيًا: التدبير مسؤولية مشتركة

البيت المسلم الناجح لا يقوم على شخصٍ يُنفق وآخر يُهدر،
بل على تفاهمٍ وتنسيقٍ بين الزوجين.

الزوج يُنفق بسخاءٍ في موضع الحاجة،
والزوجة تُحسن التصرّف فيما يُنفق،
فتجعل القليل كثيرًا ببركة عقلها ورفقها.

وقد كانت نساء السلف قدواتٍ في التدبير،
يُدِرن بيوتهنّ بحكمةٍ ووعيٍ،
يطبخن بما تيسّر، ويُكرمن الضيف بلا تكلّف،
ويعلّمن أولادهنّ معنى القناعة والبركة.


ثالثًا: التدبير لا يعني البخل

التدبير ليس شحًّا ولا حرمانًا،
بل وضع كل شيءٍ في مكانه الصحيح.

هو أن تشتري ما تحتاجه لا ما يُغريك،
وأن تطبخ ما يكفي، لا ما يُلقى في القمامة،
وأن تفرّق بين “الرغبة” و”الحاجة”.

قال النبي ﷺ:

«كُلُوا واشْرَبُوا وَتَصَدَّقُوا وَالْبَسُوا في غيرِ إسرافٍ ولا مَخِيلةٍ.»
[رواه النسائي]

فالكرم في موضعه محمود،
والتدبير في وقته بركة.


رابعًا: البركة ليست في الكثرة

كم من بيتٍ ميسورٍ يعيش في ضيقٍ،
وكم من بيتٍ قليل المال يعيش في سَعةٍ ورضًا.

الفرق ليس في الراتب،
بل في البركة وحسن الإدارة.

فمن رضي بما رزقه الله وابتعد عن المقارنات،
ورأى في القليل نعمة،
بارك الله له في رزقه وعمره.

قال ﷺ: «ارضَ بما قسم الله لك تكن أغنى الناس.»


خامسًا: التدبير يشمل الطعام واللباس وسائر شؤون البيت

في الطعام:
اجعل هدفك الاستفادة لا الامتلاء.
قلّل الهدر، واحفظ النعمة، واعتبرها من شكر الله.

في اللباس:
البس ما يسترك ويُجملك بلا إسرافٍ ولا مباهاة.
فالثوب الجميل لا يُشترى بالسعر، بل بالنية والاعتدال.

وفي الكهرباء والماء والمشتريات:
أطفئ ما لا تحتاج، واشتَر ما يفيد،
فالإسلام علّمنا ألا نضيع حتى الماء ولو على نهرٍ جارٍ.


سادسًا: أثر التدبير على السعادة الزوجية

حين تُحسن الزوجة التدبير،
وترى الزوجُ تقديرها لماله،
ينشأ بينهما احترامٌ وثقةٌ وطمأنينة.

فما أجمل أن تُدير الزوجة بيتها بعقلٍ راجحٍ ويدٍ رحيمة،
وما أكرم أن يُعينها الزوج بحسن الظنّ والدعم.

بهذا يعيش البيت في توازنٍ جميلٍ،
تُغطى الحاجات، وتبقى البركة، وتستمر المودّة.


🌸 في موقع الزواج السعيد

نذكّر الأزواج والزوجات أن التدبير المنزلي ليس بخلاً،
بل هو حكمة في الصرف، ووعي في العيش، وشكرٌ للنعم.

ومن حسن التدبير أن يُدَّخر شيءٌ للأيام،
ويُقدَّم شكرٌ لله في الرخاء قبل الشدة،
فمن شكر النعمة دامَت له.


💡 نصيحة من القلب:
رتّبوا أولوياتكم، وتذكّروا أن أجمل البيوت ليست الأوسع ولا الأغلى،
بل تلك التي يسودها الرضا، والبركة، وحسن التدبير.