بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ

حفلات الزفاف بين المنكر والبركة

حين يتحوّل يوم النعمة إلى يوم معصية، تضيع البركة قبل أن تبدأ الحياة


أولًا: من حفل زفافٍ إلى حفل إسرافٍ ومنكر

لقد أصبحت حفلات الزفاف في زماننا مظهرًا من مظاهر التفاخر والمباهاة،
تُنفق فيها الأموال الطائلة، وتُرتكب فيها المعاصي جهارًا،
حتى صار كثيرٌ منها أقرب إلى مهرجانات اللهو منها إلى عقدٍ مباركٍ شرّفه الله.

👎 فترى الاختلاط بين الرجال والنساء دون ضوابط،
👎 والموسيقى الصاخبة والأغاني الفاحشة،
👎 والتصوير والعُري والمكياج المبالغ فيه،
👎 والتبذير في الطعام والملابس والقاعات،
👎 والسهر حتى الفجر دون صلاة أو شكرٍ لله على النعمة.

ثم يُقال بعد ذلك: “ليلة العمر”…
لكن أيُّ عمرٍ يُبنى على معصية الله؟
وأيُّ بركةٍ تُرجى من زواجٍ بدأ بعصيان الخالق؟


ثانيًا: لماذا انتشرت هذه الظاهرة؟

🔹 ضعف الوعي الشرعي
كثيرون لا يعرفون أن ما يقع في حفلات الزفاف من منكرات حرامٌ صريح،
فيقلدون غيرهم دون تفكرٍ في العواقب.

🔹 حبّ المظاهر والتقليد الأعمى
أصبحت بعض الأسر ترى أن “الحفل الفخم” دليل النجاح،
حتى لو اقترضوا الأموال وأرهقوا أنفسهم بالديون.

🔹 ضغط المجتمع والمجاملات
يخاف الناس من كلام الآخرين أكثر من خوفهم من الله،
فيُقيمون حفلاتٍ لا يرضونها لأنفسهم،
لكن “حتى لا يُقال بخيل أو متشدد”.

🔹 تأثير الإعلام والفنانين
ما يُعرض في المسلسلات ومواقع التواصل رسم صورة زائفة للزفاف،
فيقلّدها الشباب وهم لا يدركون أنها طريقٌ لمحق البركة.


ثالثًا: آثار حفلات الزفاف المحرّمة

ضياع البركة من أول ليلة
فكيف يُبارك الله في زواجٍ بدأ بمعصيته؟

نزع الحياء من النفوس
حين تُعرض العروس بزينةٍ أمام الرجال الأجانب،
يُهدم الحياء الذي هو أساس الحياة الزوجية السليمة.

زرع الغيرة والحسد
حين يتباهى الناس بما يملكون،
يتحوّل الزواج إلى منافسة دنيوية لا علاقة لها بالمودة والرحمة.

إرهاق الأزواج بالديون والمصاريف
كم من شابٍّ تأخر زواجه لأن تكاليف “الزفاف العصري” لا تُطاق،
ولو اقتصر الناس على المشروع، لعمّ الخير وسهل الزواج للجميع.


رابعًا: الزواج الشرعي… بركةٌ وسكينة

قال رسول الله ﷺ:

«أَعْظَمُ النِّسَاءِ بَرَكَةً أَيْسَرُهُنَّ مَؤُونَةً»
(رواه أحمد)

الزواج الشرعي لا يحتاج إلى قاعة فخمة ولا أغنيةٍ صاخبة،
بل إلى نيةٍ صالحةٍ ورضا من الله.

ومن مظاهر الزواج الشرعي المبارك:

🌿 أن يُعلن النكاح بلا إسراف ولا اختلاط.
🌿 أن تُقام الوليمة البسيطة شكرًا لله لا رياءً للناس.
🌿 أن تُراعى فيها حدود الحياء والستر.
🌿 أن تُحمد النعمة وتُفتتح الحياة بسجدة شكر لا برقصةٍ محرّمة.
🌿 أن تُبنى الليلة على ذكر الله لا على المعصية.

فهذه الليلة ليست “نهاية العزوبية”، بل بداية عبادةٍ جديدةٍ ومسؤوليةٍ عظيمة،
تحتاج إلى رضا الله قبل رضا الناس.


خامسًا: الزواج الشرعي يجلب السعادة الحقيقية

كل زواجٍ بدأ بطاعة الله،
يُبارك الله فيه في الرزق، وفي الذرية، وفي الألفة، وفي القلوب.

أما من بدأه بمعصيةٍ،
فسيجد ضيقًا في المعيشة، ونزاعًا في العلاقة، لأن البركة تُرفع بالذنوب.

قال تعالى:

﴿وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَىٰ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ﴾
[الأعراف: 96]

فمن اتقى الله في بداية زواجه،
فتح الله له أبواب الخير في عمره كله.


🌸 رسالة من موقع الزواج السعيد

نقول لكل عروسٍ وعريسٍ:
اجعلوا زفافكم قُربةً إلى الله لا ساحةً للشيطان،
فمن أرضى الله، أرضاه الله عن خلقه،
ومن خاف الناس، أذله الله أمامهم.

ليست الفرحة في الأضواء والأغاني،
بل في سجدةٍ خاشعةٍ، ودعاءٍ صادقٍ، وزوجٍ صالحٍ، وزوجةٍ طيبةٍ.

واجعل شعارك في ليلة زفافك:

“اللهم كما جمعت بيننا في الدنيا على طاعتك، فاجمع بيننا في الآخرة في جنّتك.”