بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ

تيسير الزواج… عبادة تُقرّب إلى الله وتُعيد للحياة بركتها

في عالمٍ ازدادت فيه المظاهر، وتعقّدت فيه الخطوات، بات الزواج – الذي جعله الله سبيلًا إلى السكن والسكينة – حلمًا بعيدًا لكثير من الشباب والفتيات.
ومع ذلك، فإن الشريعة جاءت بخلاف ما يفعله الناس اليوم؛ جاءت لتيسير الزواج لا لتعقيده، ولتسهيله لا لتثقيله.

إنّ البيت الذي يُبنى على البساطة والمبادرة، أقرب للثبات والسعادة من بيت يبدأ بأعباء وديون، وثقل ومطالب لا نهاية لها.


🌼 أولًا: لماذا أمر الله بتيسير الزواج؟

لأن الزواج ليس صفقة تجارية ولا منافسة اجتماعية ولا عرضًا للناس.
إنه عبادة، وطاعة، وسُنّة الأنبياء، وسبب لعفّة القلوب وحفظ المجتمعات.
ولهذا قال النبي ﷺ:
“إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوّجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض.”

فالفتنة اليوم ظاهرة، والفساد منتشر، ومعظم أسبابه تعقيدُ الناس لما سهّله الله.


🌿 ثانيًا: صور من المبالغة التي تُغلق أبواب الزواج

هناك أمورٌ أصبحت عادات، لكنها في حقيقتها عقبات:

• المغالاة في المهور

كأن الزواج ورقة مالية، لا ميثاق غليظ.

• اشتراط الذهب، والحفلات الباذخة، والتصوير، والكوشة، والضيوف بالمئات

والزوجان بعد ليلة واحدة يكتشفان أن كل هذا لا قيمة له أمام الديون والضغوط.

• التوقعات غير الواقعية

كأن الزوج يجب أن يبدأ حياته ببيت كامل الأثاث، ووظيفة عالية، وسيارة جديدة…
بينما أغلب زيجات السلف بدأت بأبسط أسباب الحياة ومع ذلك كانت أكثر استقرارًا.


🌼 ثالثًا: أثر تيسير الزواج على بركة البيت

عندما يتزوج الشاب وهو مرتاح ماديًا، غير مثقل، يكون أقرب:

  • للسكينة

  • للعطاء

  • للاهتمام بزوجته

  • وللتفرغ للتقوى والعبادة

وتكون الزوجة أكثر راحة، وأقرب للرضا، وأبعد عن المقارنات.

البيوت المتواضعة تُخرج أسرًا قوية، أما البيوت التي تبدأ بالمظاهر، فكثيرًا ما تنتهي بتعبٍ وضيق.


🌿 رابعًا: كيف نُيسّر الزواج عمليًا؟

1) خفض المهر

ليس الفقر ما يخيف، بل ظلمُ المجتمع.

2) الاكتفاء بحفل بسيط أو حتى عدم إقامة حفل

فلا بركة في زواج يُتعب طرفيه.

3) تقديم الأخلاق والدين على المال والشكل

فهذا هو أساس السعادة الزوجية الحقيقة.

4) تشجيع الزواج المبكر

“يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوّج…”

5) نصح البنات بقبول الرجل الطيب الصالح

بدل انتظـار مواصفات غير موجودة.

6) نشر الوعي أن الزواج ليس رفاهية

بل سترٌ وعفاف، بل وعلاج نفسي لكثير من الهموم.


🌼 خامسًا: رسالة للآباء والأمهات

يا من تحلمون بسعادة بناتكم…
اعلموا أن السعادة ليست في الذهب، ولا في الحفل، ولا في دارٍ واسعة.

السعادة كلّها في:

  • رجل يخاف الله

  • قلبٍ رحيم

  • وبيتٍ يبدأ بالبركة لا بالديون

فمن أراد لابنته السعادة، فليُيسّر زواجها، ولا يجعل عُسر الشروط يحرمها من الاستقرار.


🌿 سادسًا: رسالة للشباب والفتيات

للشباب:

لا تنتظر أن تملك كل شيء.
تزوّج بما تيسّر، واعتمد على الله، وسترى أن البركة تُغنيك عما سواها.

للفتيات:

ليس الذهَب ما يحفظك… بل الرجل الصالح.
وليس المظاهر ما يسعدك… بل قلبٌ يُحبّك ويَحترمك.


🌼 خلاصة

تيسير الزواج ليس مجرد رأي… بل عبادة، وسنة، وصمام أمان للمجتمع.
والبيت الذي يبدأ ببساطة، يبدأ بقرب من الله، ويستمر بثبات، وينتهي – بإذن الله – بزواجٍ أسعد مما يتصور الناس.