تعريف الأبناء بالله وتحببيبهم به… أعظم تربية وأجل رسالة
أولًا: البداية الصحيحة في تربية القلوب
من أعظم ما يمكن أن يقدمه الوالدان لأبنائهما هو أن يُعرّفوهم بالله تعالى، خالقهم ومُنعِمهم ومُدبّر شؤونهم،
فالمعرفة بالله هي أصل الإيمان، وهي الجذر الذي تُبنى عليه الأخلاق، والصلاة، وسائر العبادات.
قال ابن القيم رحمه الله:
“رأس كل خيرٍ أن يُعرَف الله، ورأس كل شرٍّ الجهل بالله.”
فالطفل الذي ينشأ وقلبه مملوءٌ بحب الله، يعبد ربَّه حبًا وشوقًا، لا خوفًا فقط، ويبتعد عن المعصية حياءً من خالقه، لا رهبةً من الناس.
ثانيًا: لماذا نُعرّف أبناءنا بالله منذ الصغر؟
-
لأنّ الإيمان إذا وُلد مع الطفل، رسخ في قلبه ولم تزلزله الفتن.
-
ولأنّ معرفة الله تورث الطمأنينة والثقة والرضا، فلا يخاف الطفل إلا من ربّه، ولا يرجو إلا فضله.
-
ولأنّ حبّ الله هو سرّ الثبات في الدين، ومن أحبّ الله، أحبّ طاعته وأبغض معصيته.
-
ولأنّ أغلب انحرافات الشباب اليوم أصلها ضعف معرفتهم بربّهم، فلو عرفوه كما ينبغي، ما تركوا صلاتهم ولا اتبعوا الشهوات.
ثالثًا: كيف نُعرّف أبناءنا بالله؟
-
بالقدوة العملية قبل الكلام
ليرَ الأبناء فيك حب الله لا في الأقوال فقط، بل في الأفعال: في شكرك على النعم، وصبرك على البلاء، وحرصك على الطاعة.
فالأطفال يتعلمون بالإحساس أكثر من التعليم المباشر. -
بالحديث عن نعم الله بطريقةٍ محببة
اجلس معهم وتأملوا النعم: الهواء، الطعام، العافية، العائلة…
ثم قل لهم: “من الذي أعطانا كل هذا؟ إنه الله، الذي يحبنا ويرزقنا بلا مقابل.”
فالمعرفة تبدأ بالشكر. -
بسرد قصص الأنبياء
قصص الأنبياء أفضل وسيلة لتغرس فيهم صفات الله: رحمته مع نوح، وعدله مع قوم لوط، ونصره لموسى، ولطفه بمحمد ﷺ.
فكل قصة تُعرّفهم بجانبٍ من عظمة الله. -
بغرس مشاعر الحب لا الخوف فقط
قل لهم: “الله يحب الطيبين، الله يفرح بتوبتك، الله يسمع دعاءك.”
فتنمو في قلوبهم علاقةٌ قائمة على الودّ، لا على الرعب. -
بالتعويد على الذكر والدعاء
علّمهم أن يبدأوا كل أمرٍ بقول: بسم الله، وأن يحمدوا الله بعد الطعام، وأن يطلبوا منه حاجتهم بالدعاء.
فحين يعتادون ذكره في صغرهم، لا ينسونه في كبرهم.
رابعًا: أخطاء يقع فيها بعض الآباء
-
التركيز على العقوبة قبل التعريف بالله الرحيم الغفور.
-
استخدام “الله سيعاقبك” بدل “الله لا يحب هذا الفعل”.
-
الاكتفاء بالأوامر دون ربطها بالمعنى الإيماني.
-
إهمال الحديث عن جمال الخلق والإحسان الإلهي.
هذه الأخطاء تجعل الطفل يخاف الله خوفًا مشوّهًا، بدل أن يحبه حبًا صادقًا.
خامسًا: علامات نجاح التربية الإيمانية
-
أن ترى طفلك يذكر الله من تلقاء نفسه.
-
أن يسأل عن الحلال والحرام بدافع الرغبة في رضا الله.
-
أن يظهر عليه الحياء والرحمة، لأن من عرف ربه رقّ قلبه.
-
أن يلجأ إلى الدعاء وقت الضيق بدل الصراخ أو التذمّر.
فهذا هو الثمر الحقيقي لتربية الإيمان، لا مجرد حفظ الأدعية أو أداء العبادات بلا روح.
🌸 سادسًا: حب الله طريق لكل خير
من أحب الله أحب أوامره، وسعى لمرضاته، واطمأن قلبه بذكره.
وحين يُربَّى الأبناء على هذا الحب، فإنهم يستقيمون من الداخل دون خوفٍ أو رقابةٍ دائمة.
وهذا ما يجعل الأسرة سعيدة متماسكة، لأن حب الله يجمع القلوب على الطاعة والسكينة.
قال الله تعالى:
﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ ۗ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ﴾
[الرعد: 28]
🌺 في موقع الزواج السعيد
نذكّر الآباء والأمهات أن تعريف الأبناء بالله هو أساس كل تربية صالحة،
فمن عرف ربّه حقّ المعرفة، عاش مطمئنًا، واستقام على الطريق، ونجا من الانحراف والضياع.
فلنحرص على أن نزرع في قلوبهم حبّ الله قبل كل شيء،
فمن أحبّ الله، أحبّ الصلاة، وأحبّ والديه، وأحبّ الخير للناس.
وغرس هذا الحب لا يكون بالترهيب، بل بالمحبة، والقدوة، والكلمة الطيبة، والقصص المضيئة.
فهكذا نُنشئ جيلاً مؤمنًا، يعرف ربَّه، فيعبده حبًا وشوقًا، لا خوفًا فقط.

