بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ

المال ليس كل شيء في اختيار الشريك

الزواج مودةٌ ورحمة.. لا صفقةٌ ومصلحة


أولًا: حين يُقدَّم المال على الدين

في زمنٍ صار فيه المظهر والمال ميزان الاختيار،
كثيرون ينسون أن الزواج عبادةٌ لا تجارة، وسكنٌ لا صفقة.

فتجد من يُزوّج ابنته لصاحب الثراء،
ولو كان بعيدًا عن الدين والأخلاق،
وتجد من تختار زوجًا غنيًّا ولو كان قاسي القلب أو فاسد السلوك.

لكن النبي ﷺ وضع الميزان الصحيح حين قال:

«إذا أتاكم من ترضون دينه وخُلُقه فزوّجوه،
إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض.»
[رواه الترمذي]

فصلاح الدين والخُلُق هو الأساس،
لأنّ المال يزول، والمناصب تتغيّر،
أما الخُلق والدين فهما الزاد الحقيقي لحياةٍ مستقرة.


ثانيًا: المال لا يشتري السعادة

كم من امرأةٍ تزوّجت غنيًّا فبكت من قسوته،
وكم من رجلٍ ندم بعد أن اختار الجمال والمال دون الدين.

فالمال قد يُؤمّن راحة الجسد،
لكنّه لا يُؤمّن راحة القلب،
ولا يُصلح علاقةً فسد أساسها.

قال الله تعالى:

﴿الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا﴾
[الكهف: 46]

فالزينة تزول، أما الصلاح فيبقى نورًا في الدنيا والآخرة.


ثالثًا: من أراد الغنى فليطلبه من الله

ليس الغنى في كثرة المال،
بل في غنى النفس.

قال النبي ﷺ:

«ليس الغنى عن كثرة العَرَض، ولكن الغنى غنى النفس.»
[متفق عليه]

الزوج الصالح يجعل القليل كثيرًا،
لأنه يباركه بحُسن التدبير والرضا.
والزوجة الصالحة تصبر وتعين،
فتُبدّل الضيق سَعة، والفقر غنى بالحبّ والمودّة.


رابعًا: المال وسيلة لا مقياس

المال نعمة إن استُعمل في الطاعة،
ونقمة إن جعلناه معيارًا لاختيار من نُحب.

فليكن السؤال قبل الزواج:
هل يُقرّبني هذا الشخص إلى الله؟
هل يُساعدني على طاعته؟
هل سيحفظني في ديني وخلقي؟

أما المال فسيأتي ويذهب،
لكن الدين إن وُجد دام الخير كله.


خامسًا: في الزواج السعيد

نذكّر كل شابٍّ وفتاةٍ أن اختيار الشريك لا يُبنى على جيبٍ ممتلئ، بل على قلبٍ مليءٍ بالإيمان.
فمن جعل الدين أساس قراره،
رزقه الله السعادة والبركة والرضا،
حتى لو عاش في بيتٍ بسيطٍ وأثاثٍ متواضع.


💡 نصيحة من القلب

ابحثوا عمّن يُعينكم على طريق الجنة،
لا عمّن يُغريكم بزينة الدنيا.
واجعلوا معيار الاختيار كما قال نبيكم ﷺ:

«فاظفر بذات الدين تَرِبَتْ يداك.»

فالمال يُشتَرى ويُورَث،
أما الدين فلا يُهدى إلا لمن أحبّه الله.

ومن اختار شريكًا لدينه،
فقد اختار السعادة التي لا تزول.