السكينة تبدأ من الأبوين
خطورة أن يسمع أو يرى الطفل العلاقة الخاصة بين والديه
لأن الحياء فطرة… وحماية الفطرة مسؤولية
العلاقة الخاصة بين الزوجين عبادة، وسكون، ورحمة، وسرّ من أسرار الزواج التي جعلها الله في غاية الخصوصية.
وما دام الشرع قد سترها، فلابد أن تُستَر عن الجميع… خصوصًا الأطفال، الذين لا يدركون المعاني، ولكن تُخزّن في أذهانهم الصور والأصوات والتصرفات بصورة عميقة جدًا.
وقد يظن الأبوان أن الأمر بسيط أو عابر… لكنه ليس كذلك.
فأن يسمع الطفل… أو يرى… أو يشعر بشيء من تلك الخصوصية؛ له آثار نفسية وسلوكية خطيرة تمتد لسنوات طويلة.
🌿 1. الطفل لا يفهم… لكنه يحفظ
الطفل قد لا يعرف معنى ما يحدث، لكنه يشعر بوجود شيء “غير مريح”، شيء “غير مفهوم”، شيء “مرتبط بوالديه”.
وهذه المشاهد أو الأصوات قد تؤدي إلى:
🔸 توتر نفسي
🔸 شعور بالخوف
🔸 اضطراب في الفطرة
🔸 فضول مبكر تجاه ما لا يجوز
🔸 أسئلة لا تناسب عمره
🔸 تخيّلات وسلوكيات مقلقة حين يكبر
فطرة الطفل مثل الورقة البيضاء… تتأثر بكل علامة تُكتب عليها.
🌿 2. اختلاط المفاهيم يربك الطفل
حين يرى الطفل والديه بشكل غير مناسب أو يسمع أصواتًا غير مفهومة، قد يختلط عليه الفرق بين:
🔹 الحنان المشروع
🔹 العلاقة الزوجية الخاصة
🔹 الحدود التي يجب أن تكون بين الناس
وقد يفسّر الطفل ذلك بطريقة خاطئة، مما يسبب:
📌 شعورًا بالغيرة
📌 انزعاجًا من حضور الأب أو الأم
📌 اضطرابًا في مشاعره تجاه أحد الوالدين
📌 تغيّرًا في سلوكه دون سبب واضح
هذه ليست أمورًا بسيطة… بل مؤشرات على جرح داخلي.
🌿 3. رؤية الأطفال لهذا الأمر قد تصنع اضطرابات مستقبلية
أظهرت دراسات نفسية (دون الدخول في تفاصيلها) أن الأطفال الذين يتعرّضون لمشاهد أو أصوات غير مناسبة داخل الأسرة هم:
🔸 أكثر عرضة لسلوكيات غير منضبطة
🔸 أسرع انجذابًا للمحتوى غير المناسب
🔸 أقل حياءً
🔸 أكثر اضطرابًا في فهم الخصوصية
🔸 وقد يواجهون صعوبات في احترام حدود الجسد
لذلك شددت الشريعة على الاستئذان وأدب دخول الغرف… حمايةً للطفل قبل الأبوين.
🌿 4. الشرع سبقَ كل العلوم… ووضع حدودًا واضحة
قال تعالى:
“يا أيها الذين آمنوا ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم والذين لم يبلغوا الحلم منكم ثلاث مرات…”
(وقت الخصوصية بين الزوجين)
وهو تعليم رباني واضح بأن:
📌 العلاقة الخاصة يجب أن تكون مستورة
📌 الأبواب مغلقة
📌 الأطفال لا يدخلون دون إذن
📌 الخصوصية جزء من التربية الإيمانية
الستر عبادة… وليس مجرد أدب اجتماعي.
🌿 5. مسؤولية الأبوين في حفظ أسرار البيت
بعض الأزواج — بحسن نية — يتهاونون:
يقول أحدهما:
“الأطفال نائمون”…
لكن الطفل قد يستيقظ فجأة.
أو: “هو صغير ولا يفهم”…
ولكن عقله يُسجل، حتى لو لم يستوعب المعنى.
الحذر واجب…
والستر ضرورة…
والباب المغلق ليس كافيًا إن لم يكن مُحكمًا.
🌿 6. كيف يحمي الزوجان أبناءهما من رؤية أو سماع ما لا يجوز؟
⭐ 1. إغلاق الباب بإحكام
ليس إغلاقًا عاديًا… بل قفلًا محكمًا يضمن عدم دخول أي طفل فجأة.
⭐ 2. التأكد من نوم الأطفال أو انشغالهم بشكل كامل
لا يكفي أن يكون الطفل “هادئًا”… بل يجب أن يكون نائمًا أو بعيدًا تمامًا.
⭐ 3. عدم ترك الأطفال في غرفة واحدة ملاصقة
إن أمكن، اجعلوا مساحة فاصلة صغيرة.
⭐ 4. استخدام إضاءة خافتة وصوت منخفض
حتى لو كان الباب مغلقًا… الصوت قد يصل.
⭐ 5. تعليم الأطفال أدب الاستئذان
ليعلموا أن دخول غرفة الوالدين ليس تلقائيًا.
⭐ 6. اختيار الأوقات المناسبة
الوقت الذي يحتمل فيه استيقاظ الأطفال… ليس وقتًا مناسبًا.
🌿 7. إذا حدث الأمر دون قصد… كيف نتصرف؟
إذا سمع الطفل شيئًا أو رأى شيئًا دون قصد:
📌 تجنّبوا شرح التفاصيل
📌 اطمئنوه فقط: “لا شيء… كل شيء طبيعي”
📌 لا تكرروا الحديث
📌 ولا تُظهروا توترًا
ثم في وقت آخر، علموه حدود الاستئذان والخصوصية دون ربطها بالحادثة.
الطفل ينسى بسرعة… إذا لم نثبت له المعلومة.
💡 نصيحة من القلب
يا أيها الأب… يا أيتها الأم…
ستر علاقتكما ليس لأجلكما وحدكما، بل لأجل قلوب صغيرة تتشكل فطرتها بالنظر والسماع والشعور.
الحياء ينبت في قلب الطفل من خلال مشاهد البيت… قبل كلمات التربية.
واحترام الخصوصية في الزواج ليس رفاهية… بل حماية لجيل كامل من الاضطراب والفتنة والانكسار الداخلي.
أحكموا الباب…
وأغلقوا الهمس…
واحفظوا سرَّ العلاقة كما أرادها الله:
رحمةً بينكما… وليست مشهدًا في أذن طفل أو عينه.
ومن حفظ أولاده في صغرهم… حفظهم الله في كبرهم. 🌿

