الزوج الذي يُصرّ على مشاهدة المقاطع الإباحية مع زوجته
الزواج في الإسلام رابطة طاهرة تُبنى على المودة والعفة، لا على الشهوات المحرّمة.
فالله تعالى جعل بين الزوجين سكنًا ورحمة، وأمرهما أن يحفظا فرجهما وبصرهما، وأن تكون العلاقة بينهما في إطار الحلال الطيب.
لكن بعض الأزواج – هداهم الله – يُفسدون هذا الميثاق الطاهر حين يُصرّون على مشاهدة المقاطع الإباحية، بل قد يطلبون من زوجاتهم مشاركتهم في ذلك، ظنًّا منهم أنها وسيلة لتحسين العلاقة أو لإثارة الرغبة، وهذا خطأ عظيم في الدين والعقل والفطرة.
⚖️ أولًا: حكم مشاهدة المقاطع الإباحية في الإسلام
المقاطع الإباحية حرام شرعًا بلا خلاف بين العلماء، لأنها تقوم على كشف العورات، ونشر الفاحشة، وإثارة الغرائز المحرّمة.
قال الله تعالى:
﴿قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ﴾
[النور: 30]
وقال النبي ﷺ:
«العينان تزنيان، وزناهما النظر.»
(رواه البخاري ومسلم)
فمشاهدة هذه المقاطع من زنا العين والقلب، وهي بابٌ واسع للشيطان، تُميت القلب وتُضعف الإيمان، وتُخرّب العلاقة الزوجية لأنها تُشبّه الزوج أو الزوجة بما حرّم الله.
💔 ثانيًا: آثار مشاهدة المقاطع الإباحية على الحياة الزوجية
من أكبر الأخطاء أن يظن الزوج أن مشاهدة المقاطع المحرمة تُقوّي العلاقة، بل هي في الحقيقة تُدمّرها من الداخل، لأنّها:
-
تزرع في النفس المقارنة والاشمئزاز من الحلال.
-
تُضعف الثقة بين الزوجين.
-
تُميت مشاعر المودة الطبيعية وتحول العلاقة إلى مجرد شهوة.
-
تُسبب ضعفًا جنسيًا أو برودًا عاطفيًا مع الوقت.
-
تُدخل على البيت لعنة الفاحشة وذنوبًا تُغضب الله.
البيت الذي تُعرض فيه هذه المنكرات لا تدخله الملائكة، ولا تبقى فيه البركة.
💬 ثالثًا: كيف تتصرّف الزوجة في هذا الموقف؟
إذا أصرّ الزوج على أن تُشاركه زوجته في مشاهدة المقاطع الإباحية، فعليها أن تتصرّف بحكمة وثبات وفق ما يلي:
-
الرفض الواضح والمهذّب
لتُبيّن له أن هذا العمل حرامٌ قطعًا، وأنها لا ترضى بمعصية الله، مهما كانت المبررات.
يمكنها أن تقول بهدوء:“أنا زوجتك على طاعة الله، لا على معصيته. ما يجمعنا هو الحلال، وليس ما يغضب الله.”
-
النصح بالحكمة
تذكّره بأن مشاهدة الحرام تُفسد البركة وتُغضب الله، وتؤثر حتى على محبته لزوجته، لأن الحرام لا يزيد إلا نفورًا. -
الاستعانة بالعلماء أو الدعاة
إن لم يجدِ النصح، فلتطلب تدخل شخصٍ صالحٍ من أهله أو إمامٍ موثوقٍ ليوضّح له الحكم الشرعي وخطورة ما يفعل. -
حماية نفسها من الفتنة
لا يجوز للزوجة أن تشارك في هذه المعصية مهما أصرّ، لأن طاعة الله مقدّمة على طاعة الزوج،
قال النبي ﷺ:«لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.»
(رواه أحمد) -
الدعاء له بالهداية
فالهداية بيد الله، وهي خير علاجٍ لضعف النفس. فلتكثر الزوجة من الدعاء له في السجود، ولتلتمس له سبل التوبة والعلاج من الإدمان على الحرام.
🚫 رابعًا: متى يُعدّ الإصرار سببًا للفراق؟
إذا استمر الزوج في إجبار زوجته على مشاهدة المحرمات، أو أهانها لأنها ترفض، أو حاول جرّها إلى معصيةٍ صريحة،
فحينها لا يجوز لها الاستمرار معه إن لم يعدل عن فعله، لأن ذلك يُهدّد دينها وعفتها.
قال تعالى:
﴿فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ﴾
[البقرة: 229]
فالحياة الزوجية تُبنى على الطاعة لله لا على العصيان له، ومن أصرّ على الحرام فقد أفسد عقد المودة الذي شرّعه الله.
🌿 خامسًا: التوبة طريق النجاة
من رحمة الله أن باب التوبة مفتوح، فلو تاب الزوج وندم وترك هذه العادة، تاب الله عليه وغفر له.
لكن عليه أن يُعوّد نفسه على:
-
غضّ البصر.
-
الابتعاد عن أسباب الفتنة (الهاتف، الإنترنت، الفراغ).
-
ملء وقته بالطاعات والذكر.
-
استحضار مراقبة الله في كل لحظة.
🌸 خاتمة
الزواج عبادة طاهرة، لا ينبغي أن تُدنّس بمشاهد الحرام.
وما جمعه الله بالحلال لا يُصلحه الحرام.
على كل زوجٍ وزوجة أن يُحافظا على طهارة فراشهما وقلبيهما، وأن يتذكّرا أنّ الله يراهما في الخلوة كما في العلن.
🌺 في موقع الزواج السعيد
نذكّر بأن العلاقة الزوجية في الإسلام تقوم على الستر والعفة، وأنّ من أخطر ما يُفسدها إدخال الحرام إلى الحياة الزوجية.
وننصح كل زوجٍ وزوجةٍ بالابتعاد عن المقاطع الإباحية، فهي تُدمّر القلوب قبل البيوت، وتُذهب المودة والبركة.
ومن أراد السعادة الحقيقية فليُرضِ الله أولاً، فبرضاه تدوم المودة وتُزهر الحياة.

