بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ

الزوج الذي يحلف بالطلاق…

كلمة صريحة تُصلح القلب قبل أن تُصلح البيت

هناك زوج – ربما بحسن نية أو من باب العادة – يجري الحلف بالطلاق على لسانه في كل موقف:
في التجارة… مع الأصدقاء… عند الغضب… عند المزاح… وحتى في بيته ومع زوجته.

وكأنّ كلمة “الطلاق” أصبحت أداة تهديد، أو وسيلة قسم، أو جملة جاهزة يستخدمها مثل أيّ تعبير عادي.

لكن الحقيقة أن الأمر أعظم بكثير
إنها كلمة قد تُهدم بها أسرة، وتُشرّد بها قلوب، وتُكتب بها لعنة في صفحة رجل كان يقدر أن يعيش في رحمة وطمأنينة.

هذه رسالة لكل زوج وقع في هذه العادة الخاطئة، أو كاد يقع فيها.


🔹 أولًا: الطلاق… ليس كلمة للتجربة ولا للمزاح

الطلاق في الإسلام عقد تُحلّه كلمة، فكيف يُتخذ كلمة سهلة تُرمى على الطاولة في كل خلاف صغير؟

الطلاق وُضع كحلّ أخير…
آخر باب يُطرق…
لا وسيلة ضغط، ولا لعبة غضب، ولا طريقة لإثبات الرجولة.

الرجولة ليست ارتفاع الصوت
ولا سرعة القسم
ولا رمي كلمة تخيف بها زوجتك…

الرجولة: سَكَن ورحمة وحكمة.


🔹 ثانيًا: الحلف بالطلاق… ليس يمينًا أصلًا

كثير من الرجال يظن أن “عليّ الطلاق” مثل “والله”، وهذا من الجهل.

في الشرع:
لا يجوز الحلف بغير الله
لا بالطلاق، ولا بالكعبة، ولا بالرسول، ولا بالأمانة.

النبي ﷺ قال:
«مَن كان حالفًا فليحلف بالله أو ليصمت».

فكيف يحلف رجل بالطلاق وهو:
❌ ليس اسمًا من أسماء الله
❌ ولا صفة من صفاته
❌ ولا يمينًا مشروعًا أصلًا

إنه اعتداء على حدود الله قبل أن يكون خطأً اجتماعيًا.


🔹 ثالثًا: الحلف بالطلاق يفتح أبوابًا من المشاكل لا تخطر على بالك

كلمة واحدة قد تُدخل بيتك في:

  • خلافات مع أهل الزوجة

  • قطيعة بسبب فتوى

  • توتر نفسي للزوجة والأبناء

  • خوف دائم من أن تتكرر الكلمة

  • شعور الزوجة بانعدام الأمان

  • كره صامت يتراكم في قلب المرأة

  • شك في صحة عقد الزواج

  • وذنب عظيم بسبب الحلف بغير الله

وما أسوأ أن يعيش الرجل في بيتٍ تتحرك فيه القلوب على أصابعها خوفًا من غضب كلمة!


🔹 رابعًا: التاجر الذي يحلف بالطلاق في البيع والشراء

بعض الرجال – هداهم الله – يقول للتاجر:

“عليّ الطلاق هذا آخر سعر!”
أو:
“عليّ الطلاق ما ربحت منه شيء!”

يا أخي…
أيّ تجارة هذه التي تُبنى على كلمة قد تُطلّق بها زوجتك دون أن تشعر؟
أهذا كسب مبارك؟
وهل يرضى رجل كريم أن يجعل زوجته معلّقة ليُقنع زبونًا بثمن سلعة؟!

الرزق بركة…
والبركة لا تأتي مع الحرام ولا مع الحلف الكاذب ولا مع الظلم.


🔹 خامسًا: لماذا يحلف الرجل بالطلاق؟

غالبًا لأسباب ثلاثة:

  1. عادة تربى عليها
    وسمعها من مجتمعه.

  2. غضب سريع
    يجعله يرمي الكلمة دون تفكير.

  3. محاولة فرض السيطرة
    وكأن كلمة “الطلاق” هي سلاح يخوّف به الآخرين.

لكن الرجل الحكيم…
هو الذي يضبط لسانه،
ويعرف أن كل كلمة محسوبة،
وأن الله لا يرضى أن تُستخدم كلمة الطلاق في غير موضعها.


🔹 سادسًا: لو كنت ممّن يحلفون بالطلاق… فهذه خطوة إصلاح

ابدأ من اليوم:

✔️ 1) تَب إلى الله

قل: “اللهم إني أستغفرك من كل يمين بغيرك قلته.”
وابدأ صفحة جديدة.

✔️ 2) عاهد نفسك

أن تكون كلمة “الطلاق” محرّمة عليك إلا في موضعها الشرعي.

✔️ 3) درّب لسانك على الألفاظ الطيبة

قل: “والله”، “بالله”، “أقسم بالله”، أو اصمت.

✔️ 4) تعلم ضبط الغضب

الغضب هو الجسر الذي تمر عليه كل الأخطاء.

✔️ 5) راعِ قلب زوجتك

فهي بشر…
تتألم…
وتخاف…
وقد تُكسر من كلمة واحدة لا تقصد بها شيئًا.


🔹 سابعًا: وصية للزوجة التي تعيش مع رجل يحلف بالطلاق

  • لا تستهيني بالأمر

  • ولا تزيدي النار غضبًا

  • قولي له بهدوء:
    “أرجوك… هذا بيتنا، وهذه حياتنا، وهذه الكلمة ليست لعبة.”

ذكّريه بالله
وبالستر
وبالأبناء
وبالأمان الذي يحتاجه البيت.

فالمرأة الحكيمة تبني بالحكمة لا بالتحدي.


🌿 كلمة أخيرة للزوج

يا عبد الله…
بيتك أمانة.
وزوجتك أمانة.
وألفاظك أمانة.
وأولادك سيكبرون ويسمعون ويقلّدون.

فلا تجعل كلمة “الطلاق”
هي الصوت الأعلى في بيتك،
ولا تجعل لسانك سببًا لهدم ما تبنيه يدك.

الأمان لا يأتي بالتهديد…
والاحترام لا يأتي بالقسم…
والرجولة لا تُثبتها كلمات، بل تُثبتها الأفعال والخلق والتقوى.