بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ

الزواج رزقٌ من الله… لا صفقة تجارية


أولًا: الزواج نعمةٌ من الله قبل أن يكون قرارًا بشريًا

الزواج في الإسلام ليس عقد مصلحةٍ أو تبادل منافع،
بل هو رزقٌ مكتوبٌ من الله، يقسّمه لعباده كما يقسّم المال والعمر والصحة.

قال الله تعالى:

﴿وَأَنكِحُوا الْأَيَامَىٰ مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ ۚ
إِن يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ﴾
[النور: 32]

فالرزق لا يُقاس بكمّ المال أو الجمال،
بل بقدر ما يجعله الله من سكينةٍ، ومودةٍ، وبركةٍ في العمر والدين.


ثانيًا: حين يتحول الزواج إلى صفقة… تضيع البركة

كثيرون اليوم ينظرون إلى الزواج بمنظارٍ مادي بحت:
كم يملك؟ ماذا تعمل؟ كم المهر؟ ما نوع القاعة والسيارة والذهب؟

لكن الزواج الذي يبدأ على حسابات التجارة،
ينتهي غالبًا بالخسارة،
لأن النية لم تكن لله، بل للدنيا.

النبي ﷺ قال:

«إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى.»
[متفق عليه]

فمن نوى بالزواج العفّة والرضا وطاعة الله، بارك الله له.
ومن جعله مشروع ربحٍ أو مظهر تفاخر، نزع الله البركة من بيته.


ثالثًا: الرزق في الزواج لا يأتي من المال بل من الإيمان

الزوج الصالح رزق، والزوجة الصالحة رزق،
والذرية الطيبة رزق، والبيت المليء بالمحبة رزق.

كلّ ذلك لا يُشترى، بل يُهدى من الله لمن صدقت نيته وسعى بالحلال.

قال النبي ﷺ:

«الدنيا متاع، وخير متاع الدنيا المرأة الصالحة.»
[رواه مسلم]

فمن جعل الزواج بابًا للآخرة، فاز في دنياه وآخرته،
ومن جعله صفقة دنيوية، ضيّع سعادته وإن جمع الأموال.


رابعًا: كيف نغيّر نظرتنا إلى الزواج؟

🔹 نبدأ بالنية
ليكن هدف الزواج عبادةً لله وبناءً للأسرة، لا مجرد متعةٍ أو وجاهةٍ اجتماعية.

🔹 نُقلّل من مظاهر المباهاة
فكلّما زادت البساطة، زادت البركة.
وكلما تعقّد الزواج بالمظاهر، قلّت السعادة.

🔹 نثق أن الرزق من الله لا من البشر
فقد تتزوج من لا تملك إلا القليل، فيفتح الله لكما أبوابًا من فضله.
كما قال تعالى:

﴿وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا
وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ﴾
[الطلاق: 2-3]

🔹 نقدّر القيم قبل الأموال
فالقلب الصادق، والدين، والخلق، هي رأس المال الحقيقي الذي لا يخسر.


خامسًا: في الزواج السعيد

نذكّر الأزواج والمقبلين على الزواج أن الزوجة ليست سلعة تُشترى، ولا الزوج تاجرٌ يبيع ويشتري.
بل هما شريكان في عبادةٍ عظيمةٍ اسمها “الزواج”.

فلتكن البداية طيبة،
والنية لله،
والثقة برزق الله الذي لا ينقطع.


🌸 خاتمة

الزواج رزقٌ لا صفقة،
ومن طلبه بالحلال والنية الصالحة، رزقه الله ما هو أعظم من المال:
رزقه قلبًا يحب، ونفسًا ترضى، وبيتًا تسكن فيه الروح قبل الجسد.

فاسعَ في زواجٍ تُرضي به الله،
ولا تجعل الدنيا ميزانًا لسعادتك،
فالرزق الحقيقي هو أن يجمعك الله بمن يُعينك على طاعته،
ويملأ حياتك بالسكينة والبركة.