بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ

التفريق بين الأبناء… حماية للفطرة وصون للطهارة

في بيوتنا تبدأ أولى لبنات الطهارة، ومنها تتشكّل ملامح الحياء والعفّة في نفوس الصغار. وإن من أعظم ما وصّى به الشرع في تربية الأبناء: التفريق بينهم في المضاجع، وتعويدهم على الحياء والستر، وحمايتهم من كل ما قد يجرّهم إلى الانحراف أو الفتنة في المستقبل.

هذه ليست مبالغة، ولا تعقيدًا، ولا تشددًا… بل حكمة ربانية تُوقِظ في الطفل فطرته، وتُنشئه على احترام الحدود، وفهم خصوصيته وخصوصية غيره.


🛏️ أولًا: التفريق في المضاجع… سنة نبوية تحمي القلوب

النبي ﷺ قال:
“مُروا أولادكم بالصلاة لسبعٍ، واضربوهم عليها لعشر، وفَرِّقوا بينهم في المضاجع.”
توجيه نبوي واضح، يُعلّمنا أن الطفل بعد سن معيّن يبدأ وعيه الجسدي والعاطفي في التنامي، وأن التساهل في ذلك قد يؤدي إلى انحرافات خطيرة لا تُدركها الأسر إلا بعد فوات الأوان.

لماذا التفريق مهم؟

لأن الأطفال يكبرون، ووعيهم يتسع، ونظرتهم تختلف.
ومشاركة السرير أو الغرفة دون ضوابط قد تولّد:

  • فضولًا غير صحي.

  • لمسات عفوية تتحوّل إلى عادة خطيرة.

  • انحرافات قد ترافق الطفل إلى شبابه.

  • انكسار حاجز الحياء بين الإخوة.

إنها حماية أكثر من كونها فصلًا أو قسوة.


👗 ثانيًا: الستر داخل البيت… عادة تبني جيلًا نقيًا

التساهل في الملبس داخل المنزل بين الأبناء والبنات يؤدي مع الأيام إلى:

  • تعوّد العين على كشف العورات.

  • ضياع قيمة الحياء.

  • إثارة حيّة مكبوتة تنمو مع السنوات.

ولذلك كان من أدقّ نصائح العلماء:
“احرصوا على أن يرى الأبناء منكم لباسًا محتشمًا، وحدودًا واضحة بين أجسادهم وأجساد إخوانهم.”


 ثالثًا: حين يتساهل البعض… تكون العواقب مؤلمة

كم من حالات أخبر عنها المختصون بدأت بـ:

  • نوم طفلين معًا.

  • أو تعرٍّ عابر.

  • أو دخول بلا استئذان.
    ثم تحوّلت إلى تصرفات لا تُحمد عقباها.

ولذلك شرع الله الاستئذان في الأوقات المغلقة (بعد العشاء، قبل الفجر، وقت القيلولة)، لحماية الأسرة من كل ما يخرق الطهارة والبراءة.


🧠 رابعًا: تربية الأبناء على الوعي لا بالخوف… بل بالفهم

لسنا ندعو للتخويف أو تعقيد الأمور، وإنما لشرح بسيط يناسب أعمارهم:

  • “هذا سريرك وأنت كبير الآن.”

  • “لا يجوز أن ترى أو يراك أحد بلا لباس.”

  • “لك خصوصيتك ولأختك خصوصيتها.”

  • “جسدك أمانة ولا يحق لأحد لمسه.”

بهذه العبارات الهادئة تنشأ شخصية سوية، تعرف حدودها دون صدمة أو قمع.


💡 نصيحة من القلب

أولادك أمانة، وفتنتهم أخطر من كل الأخطار التي تراها بعينك.
لا تنتظر وقوع المشكلة لتضع الحدود… بل ضع الحدود لتحميهم من المشكلة.
الستر طهارة، والحياء جُنة، والبيت الذي تُقام فيه حدود الله يصبح بيتًا آمنًا، مطمئنًا، ونظيفًا من الداخل قبل الخارج.