بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ

إذا كان الزوج بخيلًا… هل يجوز للزوجة أن تأخذ من ماله دون علمه؟

بين حقّ النفقة وميزان العدل


أولًا: الأصل في العلاقة الزوجية هو الأمانة والثقة

الحياة الزوجية تُبنى على الصدق والوفاء،
فلا يجوز لأحد الزوجين أن يأخذ مال الآخر بغير حق.
لكن الشريعة ـ بحكمتها وعدلها ـ
لم تترك الزوجة وأبناءها عرضةً للحرمان أو الإهمال،
بل شرعت لهم حقّ النفقة بالمعروف.

قال الله تعالى:

﴿وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾ [البقرة: 233]

فالنفقة واجب على الزوج،
وليست فضلًا منه ولا هبة،
بل حقٌّ شرعيٌّ ثابت.


ثانيًا: حين يبخل الزوج أو يظلم

قد تُبتلى بعض النساء بزوجٍ يقبض يده عن النفقة،
مع أنه قادرٌ على الإنفاق،
فيمتنع عن توفير حاجات بيته وأبنائه،
بحجّة الاقتصاد أو الخوف من المستقبل.

وهنا جاءت الشريعة برحمةٍ وعدل،
فأجازت للزوجة أن تأخذ من ماله ما يكفيها ويكفي أولادها بالمعروف،
من غير إسرافٍ ولا تعدٍّ.


ثالثًا: دليل ذلك من السنة النبوية

جاءت هند بنت عتبة رضي الله عنها إلى النبي ﷺ، فقالت:

“يا رسول الله، إن أبا سفيان رجل شحيح،
لا يُعطيني ما يكفيني وولدي إلا ما أخذت منه وهو لا يعلم.”
فقال ﷺ:
«خُذي من ماله بالمعروف ما يكفيك وولدك.»
[رواه البخاري ومسلم]

فأقرّها النبي ﷺ على أخذ ما تحتاج إليه،
لكن قيّد ذلك بقوله: “بالمعروف”،
أي بالقدر الذي يكفي للحاجة دون إسراف أو استغلال.


رابعًا: ضوابط الأخذ من مال الزوج البخيل

🔹 أن يكون بخيلًا أو ممتنعًا عن النفقة مع القدرة عليها.
🔹 أن يكون الأخذ في حدود الحاجة فقط، لا طمعًا ولا انتقامًا.
🔹 أن لا تُسيء الزوجة الظنّ أو تُحمّل الأمر أكثر مما يحتمل،
فربما يكون الزوج في ضيقٍ حقيقيٍّ لا بخلٍ مقصود.
🔹 أن يكون الهدف هو حفظ كرامة الأسرة لا إفسادها.

فالزوجة المؤمنة تأخذ حقها بقدرٍ من التقوى،
وتبقى حريصة على حفظ الأمانة والستر،
لا على الفضيحة والجدال.


خامسًا: الصبر والحكمة قبل الإقدام

قبل أن تمتدّ يدها إلى مال زوجها،
لتتذكّر الزوجة أن الصبر والإصلاح هو الأصل،
فربما بكلمةٍ طيبة أو تذكيرٍ بالحلال والحرام
ينشرح صدر الزوج ويعود إلى رشده.

لكن إن أصرّ على حرمانها وتركها وأولادها بلا نفقة،
فلا إثم عليها إن أخذت حقها بالقدر الذي تحتاج إليه.


سادسًا: أثر هذا الفقه على استقرار الأسرة

حين تُدرك الزوجة أن الإسلام أنصفها،
يطمئنّ قلبها ويزول عنها شعور الظلم.
وحين يعلم الزوج أن الشريعة راقبت يده،
يتّقي الله في أهله،
ويعلم أن النفقة ليست عبئًا، بل عبادةٌ وقُربة.

قال ﷺ:
«أفضل الدينار دينارٌ أنفقته على أهلك.»
[رواه مسلم]


🌸 في موقع الزواج السعيد

نذكّر الأزواج أن البخل في النفقة ظلمٌ يفسد المودة،
وأن الزوجة حين تضطر للأخذ من ماله
فذلك لأنك قصّرت في واجبٍ أوجبَه الله عليك.

فليُراجع كل زوجٍ نفسه،
ولينظر: هل أدّى حقّ بيته كما يحبّ أن يُؤدّى حقّه؟


💡 نصيحة من القلب:
قبل أن تفكر أيها الزوج في كنز المال،
تذكّر أن مالك الحقيقي هو ما أنفقتَه في سبيل الله،
وأن أولى الناس بكرمك زوجتك وأولادك.
فمن ضيّق عليهم في رزقٍ يسير،
ضيّق الله عليه بركة العمر والمال.