مفهوم القِوامة في الإسلام
كثيرًا ما يُساء فهم معنى القِوامة في الإسلام، فيُظن أنها تسلّط أو سيطرة، بينما حقيقتها في القرآن الكريم رحمة وتنظيم وعدل.
القِوامة ليست تسلّطًا ذكوريًا، بل تكليف ومسؤولية حملها الرجل برعايةٍ وعدلٍ وحكمةٍ، لحماية الأسرة وضمان استقرارها.
قال تعالى:
﴿الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ﴾ [النساء: 34]
💡 المعنى الحقيقي للقِوامة
القِوامة في أصلها من “القيام على الشيء”، أي رعايته والاهتمام به، فهي مسؤولية يقوم بها الرجل تجاه زوجته وأسرته في:
-
النفقة والرعاية.
-
الحماية والتوجيه.
-
القيادة الحكيمة للأسرة.
فهي تكليف لا تشريف، ومسؤولية لا تسلّط.
وقد جعلها الله تعالى للرجل لأنه مُكلَّف بالإنفاق، ومطالب بتحمّل تبعات القرار ومسؤولية الأسرة أمام الله.
⚖️ القِوامة بين الحق وسوء الفهم
كثير من الناس اليوم يخلطون بين القِوامة و”التحكم”، فيظنها البعض إذنًا بالتعسف أو الإهانة، وهذا مخالف لروح الإسلام.
الإسلام جعل القِوامة قائمة على العدل والرحمة، قال النبي ﷺ:
“خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لأَهْلِهِ، وَأَنَا خَيْرُكُمْ لأَهْلِي.”
فالقِوامة الحقيقية تُظهر في الزوج حسن الخلق، والرحمة، والرعاية، لا في القسوة والتسلّط.
وفي المقابل، رفض الإسلام أن تتنكر المرأة لهذه القِوامة أو تراها انتقاصًا من كرامتها، لأن في التوازن بين الأدوار صلاح الأسرة واستقامة الحياة.
🌿 الحكمة من القِوامة
-
تحقيق النظام داخل الأسرة بدل الفوضى والتنازع.
-
ضمان المسؤولية في القرار والإنفاق.
-
حفظ الحقوق بحيث لا تُترك المرأة دون نفقة أو رعاية.
-
توزيع المهام بعدل بما يناسب طبيعة كل طرف.
إنها قِوامة مبنية على التكامل لا التنازع، وعلى التعاون لا الصراع.
🌷 القِوامة في حياة النبي ﷺ
كان النبي ﷺ أرحم الناس بأهله، مع أنه القائم عليهم.
كان يخيط ثوبه ويخصف نعله ويعين أهله في شؤون البيت، ومع ذلك كانت زوجاته يوقّرن قيادته ويُطعن في أمره.
وهكذا يكون التوازن بين القِوامة بالحق والطاعة بالمعروف.
💬 رسالة للمسلمين اليوم
القِوامة في الإسلام ليست حربًا بين الجنسين، بل تناغم في الأدوار وتوزيع في المسؤوليات.
وكلما التزم الزوج بالعدل والرحمة، وشاركت الزوجة بالطاعة والإحسان، ازدهر البيت وسادته المودة والسكينة التي أمر الله بها.
قال تعالى:
﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً﴾ [الروم: 21]
🌸 خاتمة
القِوامة إذًا ليست تفوقًا أو قهرًا، بل هي أمانة ومسؤولية.
هي نظام إلهي يهدف إلى تحقيق التوازن في الأسرة المسلمة، وجعل كل طرف يقوم بدوره بما يرضي الله.
فإذا فُهمت القِوامة كما أرادها الله، سكنت البيوت واطمأنّت القلوب ودام الزواج سعيدًا بإذن الله.

