بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ

غرس العفّة والحياء بين الأبناء

من أعظم ما يجب على الوالدين تعليمه لأبنائهما العفّة والحياء، فهما حصنان منيعان يحفظان الفطرة، ويقيان من الانحراف والزلل. والعفّة ليست مجرد امتناعٍ عن الحرام، بل هي تربية داخلية تبني جدارًا من الرقابة الذاتية والخشية من الله، تجعل الابن أو البنت يترفعان عن مواطن الريبة حتى في الخفاء.

على الوالدين أن يغرسا هذه القيم منذ الصغر، فلا يُسمح للأبناء بالنوم في سريرٍ واحد بعد سنٍّ معينة، ولا في غرفةٍ واحدة إن تجاوزوا سنّ الطفولة المبكرة، كما أوصى النبي ﷺ بالتفريق بينهم في المضاجع. فذلك ليس تشديدًا، بل وقاية تحفظ النفوس من وساوس الشيطان ومن أي انزلاق لا يُحمد عقباه.

وينبغي كذلك تعليمهم آداب الاستئذان ودخول الغرف والحمّام، وأن للخصوصية حدودًا لا تُتجاوز، وأن الحياء زينة الإنسان في كل حين.

كما يجب أن يتعلّم الأبناء آداب الطهارة والنظافة الشخصية بطريقة تناسب أعمارهم، فيعرفون حدود أجسادهم، وما لا يجوز كشفه أو التحدث عنه إلا في حدود التعليم الشرعي والتوجيه الأبوي الهادئ.

وليكن الحديث عن هذه الأمور بأسلوب رحيم هادئ، لا يزرع الخوف أو الحرج، بل يبني الاحترام والوعي. فالعفاف لا يتحقق بالصمت عن الأخطاء، بل بالتعليم الواعي والحوار الموجّه، حتى تنشأ الأجيال نقية الفكر طاهرة القلب، تحفظ أعراضها وتغض بصرها وتخاف الله في السر والعلن.

إنّ تعليم الأبناء العفّة والحياء هو من أعظم صور التربية على الإيمان، فبها يحيا المجتمع طاهرًا، وتبقى البيوت مطمئنة، ويثمر الآباء أبناءً صالحين يحملون راية الطهر والفضيلة في زمانٍ كثر فيه الانفتاح والابتلاء.