سبّ الأبناء لله عز وجل… أعظم جريمة وأشدّ البلاء
حين تصل الجرأة إلى مقام الربّ جل جلاله، فاعلم أن القلوب ماتت والإيمان تلاشى
أولًا: جريمةٌ لا يُتصوَّر فظاعتها
أن يخرج من فم مسلمٍ كلمةُ سبٍّ أو استهزاءٍ بربّ العالمين — جلّ شأنه — فذلك كفرٌ بواحٌ وردّةٌ صريحة عن الإسلام،
قال الله تعالى:
﴿وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ ۚ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ • لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ﴾
[التوبة: 65-66]
إنها ليست كلمة غضبٍ عادية، ولا نوبة انفعالٍ مؤقتة،
بل عدوان على الله، وجرأة على من خلقك ورزقك وأحسن إليك.
ثانيًا: كيف وصل الأبناء إلى هذا الحال؟
إن من يسمع اليوم شتائم تُوجَّه إلى الله — والعياذ بالله — من أفواه بعض الأبناء،
يعلم أن وراء ذلك خللًا عميقًا في التربية والإيمان،
ومن أهم أسبابه:
🔹 ضعف الغيرة على الله في البيوت
كم من أبٍ يسمع أبناءه يسبّون الدين أو يتلفظون بكلماتٍ قبيحة،
فيسكت بحجّة “غضبان، ما يقصد”،
حتى ألفَ الأبناءُ الجرم، واستسهلوا الفاحشة اللفظية دون رادعٍ ولا تأديب.
🔹 الجهل بالعقيدة
كثير من الأبناء لا يعرفون أن سبّ الله يُخرج من الملة،
ولا يدركون خطورته لأن أحدًا لم يعلّمهم معنى التوحيد ولا عظمة الله.
🔹 الصحبة السيئة ومحتوى الإنترنت
كثير من الألعاب والمقاطع الساخرة تملأها الألفاظ البذيئة ضد الدين،
فيرددها الأبناء دون وعي، ثم تتطبع ألسنتهم على الفحش.
🔹 ضعف القدوة في البيت
حين يرى الأبناء أباهم يسبّ الناس، أو يلعن القدر، أو يستهين بالكلمات،
فمن الطبيعي أن يتجرؤوا على ما هو أعظم.
ثالثًا: واجب الآباء عند وقوع هذا المنكر العظيم
إذا سمع الأب أو الأم أحد أبنائهما يسبّ الله عز وجل،
فليس السكوت حينها رحمة، بل جريمة أخرى.
ومن الواجب:
🌿 الإنكار الشديد دون عنفٍ أعمى
ليعلم الابن أن ما قاله ليس خطأً بسيطًا، بل كفرٌ صريحٌ يهدم الإيمان كله.
لكن ليُبيَّن له ذلك بعقلٍ ورحمة، لا بصراخٍ يزرع العناد.
🌿 تعليمه معنى التوحيد والإجلال لله
يجب أن يفهم الأبناء من هو الله، وما عظمته،
وأن يعلموا أن كل نفسٍ يتنفسونه هو من رحمته،
فكيف يُسبّ الإله الذي خلق وأعطى؟
🌿 غرس تعظيم الله في القلوب
بأن يُذكَّروا بأسمائه الحسنى، ورحمته، وعدله، وجلاله،
فمن أحبّ الله لا يمكن أن يسبّه، لأن الحب يمنع اللسان من الجرأة.
🌿 الرقابة على ما يسمعونه ويشاهدونه
فاللسان ابنُ ما يرى ويسمع،
ومن شبّ على فُحش الكلام في الألعاب أو مواقع التواصل،
نشأ لسانه سيفًا على الحياء والدين.
رابعًا: توبة من سبّ الله
باب الله مفتوح لكل من تاب توبةً صادقة،
لكنها ليست كلمةً تُقال باللسان، بل رجوعٌ بالقلب والدمع والخوف من الله.
قال الله تعالى:
﴿قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا﴾
[الزمر: 53]
فمن تاب من سبّ الله، وجدد إيمانه، واغتسل، ونطق بالشهادتين موقنًا،
غفر الله له وبدّل سيئاته حسنات،
لكن عليه بعد ذلك أن يحرس لسانه حراسة الإيمان.
خامسًا: مسؤولية المجتمع والمربين
هذه ليست تربية بيتٍ فقط، بل معركة وعيٍ في كل مدرسةٍ وشارعٍ ومنبر.
على المعلمين أن يربّوا أبناءنا على تعظيم الله في الدروس والمواقف،
وعلى الأئمة والخطباء أن يتحدثوا عن هذا الخطر في المنابر،
وعلى الإعلام أن يُحارب التهاون بالكلمة،
لأن من سبّ الله اليوم، سيهين والديه غدًا، وسيخون دينه بعد ذلك.
🌺 في موقع الزواج السعيد
نذكّر كل أبٍ وأمٍّ أن حماية إيمان الأبناء أعظم من إطعامهم وكسوتهم،
وأن أول ما يُسأل عنه الأب يوم القيامة هو دين أولاده لا درجاتهم الدراسية.
فلنعلّم أبناءنا أن الله عظيمٌ يُحبّنا، وأن سبَّه جريمة لا يجرؤ عليها إلا قلبٌ مظلم،
ولنكن نحن قدوتهم في نظافة اللسان وتعظيم الرحمن.
فمن ربّى أبناءه على احترام الله،
ربّاهم على طهارةٍ تبقى ما بقيت الحياة،
ومن سكت على الفحش،
فقد أهلك دينه ودين ذريته من بعده.

