الصلاة هي عماد الدين، وأعظم أركان الإسلام بعد الشهادتين، وقد جاء في النصوص الشرعية ما يدلّ على خطر تركها وعِظَم شأنها. وحين تُطرح مسألة الزواج من رجل لا يصلي، أو من امرأة لا تصلي، فإن الأمر لا يُعدّ مسألة سلوكية فحسب، بل هو مرتبط بأصل الدين والإيمان، مما يستدعي بيانًا شرعيًا واضحًا، بضوابطه، دون غلو أو تفريط.
أولًا: مكانة الصلاة في الإسلام
- قال النبي ﷺ:
“العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر”
رواه أحمد وأبو داود والترمذي، وهو حديث صحيح. - وقال ﷺ:
“بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة”
رواه مسلم. - وقال الله تعالى:
﴿فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا﴾ [مريم: 59] قال ابن كثير: أي تركوا الصلاة بالكلية، أو أخّروها عن وقتها.
فهذه الأدلة تُظهر بوضوح أن ترك الصلاة عمداً، دون عذر شرعي، ليس ذنبًا عاديًا، بل من الكبائر التي قد تخرج صاحبها من الملة، على قول جماعة من أهل العلم.
ثانيًا: حكم الزواج ممن لا يصلي
✔ إذا كان أحد الطرفين لا يصلي بالكلية، ويترك الصلاة تهاونًا أو إنكارًا:
- فلا يجوز للمسلم أو المسلمة الزواج منه، لأن ترك الصلاة كفر أكبر مخرج من الملة على القول الراجح المعتمد لدى كثير من أهل السنة، منهم الإمام أحمد رحمه الله.
- قال شيخ الإسلام ابن تيمية:
“من لم يصلّ قط، فهو كافر كفرًا مخرجًا من الملة، باتفاق الصحابة”.
- وقال الإمام ابن باز رحمه الله:
“لا يجوز للمرأة المسلمة أن تبقى في عصمة رجل لا يصلي، ويجب مفارقته إن لم يتب ويُصلّ”.
✔ أما من يُصلي أحيانًا ويترك أحيانًا:
- فإن كان يُصلي الجمعة ولا يُصلي الصلوات المفروضة، أو لا يُصلي إلا في رمضان، فهذا خطر عظيم، وقد يُلحقه كثير من العلماء بترك الصلاة عمدًا.
- لا يُنصح بالزواج ممن كان في هذا الحال، إلا بعد تحقّق التوبة والالتزام الواضح بالصلاة، حفظًا للدين، ودرءًا للفتنة.
ثالثًا: أثر الزواج من تارك الصلاة على الأسرة
- تأثير على الدين والتربية: كيف يُربّي من لا يصلي أولاده على الإيمان والصلاة؟
- تفريط في القيادة الشرعية للأسرة: فلا قوامة لمن أهمل أصل الدين.
- ضعف البركة، ووجود النفور: لأن المعصية تُزيل الطمأنينة، وترك الصلاة سبب لسوء الخاتمة.
رابعًا: ماذا تفعل من اكتشفت أن زوجها لا يصلي؟
- يجب النصيحة بالحكمة والموعظة، والتأكيد على وجوب التوبة والرجوع إلى الله.
- إن أصرّ على ترك الصلاة، فليُعرض الأمر على أهل العلم، ويُطلب الفسخ، لأن ترك الصلاة ناقض من نواقض الإسلام على القول الراجح، فلا يحلّ البقاء في عصمة من تركها.
خامسًا: من أهم الشروط عند اختيار شريك الحياة: الالتزام بالصلاة
- قال ﷺ:
“إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه…”
رواه الترمذي.
والصلاة علامة الدين الأولى، فلا يُرضى دين من لا يصلي. - من الخطأ الشائع أن يُقدَّم المال أو الشكل أو النسب على هذا الركن العظيم.
سادسًا: لا يأس من الهداية
- لو تاب الرجل أو المرأة والتزم بالصلاة توبةً صادقة، فباب الزواج يُفتح من جديد.
- والله ﷻ يقول:
﴿إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ﴾ [الفرقان: 70]
خاتمة
الزواج في الإسلام عبادة عظيمة، تُبنى على الإيمان والتقوى، وأساس الإيمان هو الصلاة. فكيف يُطلب سكنٌ واستقرار مع من قطع صلته بالله؟
لهذا، فالنصيحة لكل مسلم ومسلمة: لا تُقدِم على الزواج حتى تتحقّق من ديانة الطرف الآخر، وأول ذلك: محافظته على الصلاة في وقتها، فالصلاة مفتاح الخير، وتركها مفتاح كل شر.