بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ

الزواج نعمة عظيمة ومنحة ربانية، وحين يُتمّه الله بين زوجين مسلمين، فإن الفرح بذلك مشروع ومطلوب، وقد ثبت عن النبي ﷺ أنه أقام وليمة لزواجه. غير أن الإسلام، وهو دين الوسطية، وضع ضوابط واضحة لحفلات الزفاف تحفظ الكرامة، وتصون العفة، وتُبعد المسلمين عن مواطن الفتنة والإسراف.


أولًا: مشروعية الفرح بالزواج

من سنّة النبي ﷺ إظهار الفرح بإتمام الزواج، والدليل ما رواه عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه قال:

“تزوّجت امرأة على وزن نواة من ذهب، فقال النبي ﷺ: أولم ولو بشاة”
رواه البخاري ومسلم.

فالفرح والوليمة مشروعتان، ولكن بضوابط وآداب يجب مراعاتها، لتبقى أفراحنا طاهرة نقية، لا تشوبها المعاصي أو المخالفات.


ثانيًا: المقاصد الشرعية لحفل الزفاف

  1. إشهار الزواج وتمييزه عن العلاقات المحرمة.
  2. إدخال السرور على الزوجين والأهل.
  3. شكر الله على تمام النعمة.
  4. تقوية الروابط الاجتماعية بين العائلتين والمجتمع.

ثالثًا: ضوابط حفل الزفاف في الإسلام

1. الستر والحشمة

ينبغي أن تُراعى الحشمة في اللباس والسلوك، خاصة في الأعراس النسائية. فليس من الدين أن تتحول الأعراس إلى مظاهر تبرّج وسفور، قال ﷺ:

“الحياء لا يأتي إلا بخير”
رواه البخاري ومسلم.

2. الاقتصاد والبعد عن الإسراف

قال تعالى:

﴿إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ﴾ [الإسراء: 27] فالزفاف لا يكون بالمغالاة في القاعات والمصاريف، بل بالبركة والبساطة.

3. الابتعاد عن المعازف المحرّمة

جاء في الحديث الصحيح:

“ليكوننّ من أمتي أقوام يستحلون الحِرَ والحرير والخمر والمعازف”
رواه البخاري تعليقًا بصيغة الجزم، وصحّحه العلماء.
فلا يجوز استخدام آلات اللهو والمعازف في الأفراح، وإن كان الإنشاد الطيب والدفّ للنساء مباحًا بشروط.

4. عدم اختلاط الرجال بالنساء

الاختلاط المحرم من أعظم أسباب الفساد، وحفلات الزفاف تكون عادة بيئة خصبة لذلك إن لم تضبط.
وقد قال النبي ﷺ:

“إياكم والدخول على النساء”
رواه البخاري ومسلم.

5. احترام وقت الصلاة

لا ينبغي أن يُقام الحفل في وقت الصلاة أو يُشغل الناس عنها.
قال الله تعالى:

﴿فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ ۝ الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ﴾ [الماعون: 4-5]


رابعًا: سنن وآداب في الزفاف

  • الدعاء للزوجين بما ورد عن النبي ﷺ:

    “بارك الله لك، وبارك عليك، وجمع بينكما في خير”
    رواه أبو داود والترمذي.

  • تيسير الطعام والضيافة دون تكلف.
  • إدخال السرور على الحضور دون مخالفات، من خلال كلمات طيبة، أو برامج نافعة.

خامسًا: تنبيهات مهمة

  • لا يجوز تصوير النساء في الزفاف أو نشر الصور.
  • لا يصح تأخير العرس أو الدخول لأجل المواسم أو العادات المخالفة.
  • يُستحب البساطة والتواضع، فهي أقرب للبركة وأبعد عن الرياء.

خاتمة

إن إقامة حفل الزفاف وفق الشريعة هو برهان على صدق النية، وطاعة الله في أولى خطوات الحياة الزوجية. فكما نرجو زواجًا مباركًا، يجب أن يكون الاحتفال به مرضيًّا لله، خاليًا من المخالفات، محتفيًا بالنور لا بالزينة الظاهرة فقط.