بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ

تعريف الأبناء بالنبي ﷺ وتحبـيـبهم به… أعظم قدوة وأجل رسالة

أولًا: البداية الصحيحة في تربية القدوة
من أعظم ما يمكن أن يقدمه الوالدان لأبنائهما بعد تعريفهم بالله تعالى، هو أن يُعرّفوه بنبيّهم محمد ﷺ، الذي أرسله الله رحمة للعالمين، وقدوةً للسالكين، ونورًا يُضيء دروب المؤمنين.
فالمعرفة بالنبي ﷺ ليست معرفة تاريخية، بل هي معرفة قلبية وسلوكية تُغرس في وجدان الأبناء، فيحبّونه، ويقتدون به، ويسيرون على نهجه في حياتهم.

قال الله تعالى:
﴿لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ﴾
[الأحزاب: 21]

فالطفل الذي يعرف نبيه حق المعرفة، يرى فيه المثل الأعلى في الرحمة، والصدق، والعدل، والتواضع، فينشأ متمسكًا بدينه، معتزًا بإسلامه، محبًا لسنّة نبيّه ﷺ.


ثانيًا: لماذا نُعرّف أبناءنا بالنبي ﷺ منذ الصغر؟
لأنّ حبّ النبي ﷺ أصل من أصول الإيمان، كما قال عليه الصلاة والسلام:
«لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحبَّ إليه من والده وولده والناس أجمعين».

ولأنّ معرفة النبي ﷺ تُعطي الطفل قدوة عملية يعيش بها حياته، فيتعلم من سيرته الصبر عند البلاء، والرحمة عند القوة، والصدق في القول، والأمانة في التعامل.

ولأنّ الأبناء اليوم تغزوهم القدوات المزيفة من المشاهير والمغنين، فلا بد من أن نُعرّفهم بالقدوة الحقيقية التي جمعت الكمال في الخُلق والإيمان والرحمة.


ثالثًا: كيف نُعرّف أبناءنا بالنبي ﷺ؟

🔸 بالقدوة في حبّه واتباعه
لينشأ الأبناء وهم يرون والديهم يُصلّون عليه ﷺ دائمًا، ويقتدون بسنّته في بيوتهم، فيقولون كما قال: “الحمد لله”، ويبدؤون طعامهم ببسم الله، وينامون على ذكر الله.
فالحبّ لا يُعلَّم بالكلمات، بل يُورَث بالمشاهدة.

🔸 بسرد سيرته بأسلوبٍ محبّب
احكِ لهم قصصه ﷺ مع الأطفال، وكيف كان يلاعبهم، ويضحك معهم، ويحمل الحسن والحسين على ظهره.
وقصص رحمته بالحيوانات، وعدله مع الناس، وتواضعه مع الفقراء، حتى يروا أن حبّه ليس فرضًا فحسب، بل فطرة تميل إليها القلوب.

🔸 بتعليمهم الصلاة عليه ﷺ
عوّد أبناءك أن يُكثروا من الصلاة على النبي ﷺ، واذكر لهم أن من صلّى عليه صلاةً واحدةً صلّى الله عليه بها عشرًا.
علّمهم أن اسمه يُقال بإجلالٍ واحترام، لا باستخفافٍ أو غفلة.

🔸 بربط حياتهم بسنّته
علّمهم أن يقولوا كما كان يقول ﷺ عند الطعام والنوم واللباس، وأن يتأدبوا بآدابه في الحديث والنظر والرحمة.
فكل عملٍ يصطبغ بسنّته يصبح عبادةً ويورث محبةً له في القلب.


رابعًا: أخطاء يقع فيها بعض الآباء

🔹 الاكتفاء بتعليم اسمه وسيرته دون غرس الحب في القلب.
🔹 حصر الحديث عن النبي ﷺ في المناسبات فقط.
🔹 تقديم قدوات دنيوية تضعف مكانة النبي في قلوب الأبناء.
🔹 غياب التطبيق العملي لسنّته في البيت.

هذه الأخطاء تجعل حب النبي ﷺ أمرًا شكليًا لا يتجاوز اللسان، في حين أن المطلوب أن يعيش الابن على أثره، ويشعر أنه قدوته الحقيقية.


خامسًا: علامات نجاح التربية النبوية

🌿 أن ترى طفلك يذكر النبي ﷺ ويقتدي بأخلاقه.
🌿 أن يُظهر الأدب والرحمة والصدق في أفعاله.
🌿 أن يحرص على الصلاة لأنها كانت قرة عين النبي ﷺ.
🌿 أن يُحب السنّة ويغضب إن رآها تُهمل أو تُستهزأ بها.

حينها تعلم أن حب النبي ﷺ قد سكن قلبه، وأن التربية قد أثمرت.


🌸 سادسًا: حب النبي ﷺ طريق إلى حب الله
من أحبّ النبي ﷺ أحبّ الله، لأن حبّه فرع عن حبّ خالقه الذي أرسله هاديًا ومبشّرًا.
وحين يُربَّى الأبناء على هذا الحبّ الصادق، فإنهم يسلكون طريق الطاعة برغبةٍ وطمأنينة، لا بتكليفٍ وجبر، فيعيشون إسلامهم بفرحٍ واعتزاز.

قال الله تعالى:
﴿قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ﴾
[آل عمران: 31]


🌺 في موقع الزواج السعيد
نذكّر الآباء والأمهات أن تعريف الأبناء بالنبي ﷺ وتحبـيـبهم به هو أساس بناء الإيمان بعد معرفة الله، وهو أعظم ما يُهدي الوالدان لأبنائهما.
فمن أحبّ نبيَّه ﷺ أحبّ دينه، واستقام خلقه، واعتزّ بأمته، وسار على نهجه حتى يلقاه على الحوض بإذن الله.

فلنزرع في قلوب أبنائنا حبَّ النبي ﷺ كما نزرع فيهم حبَّ الحياة،
فهو قدوتهم في الدنيا، وشفيعهم في الآخرة، ونورهم في الطريق إلى الجنة.