بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ

تربية الأبناء على العفاف والحياء… وحماية فطرتهم بالثقافة الشرعية

أولًا: العفاف والحياء أساس الطهارة والإيمان
من أعظم ما يُورثه الوالدان لأبنائهما العفاف والحياء، فهما زينة القلب وسياج الأخلاق، وهما من علامات الإيمان.
قال النبي ﷺ:
«الحياء لا يأتي إلا بخير»
[رواه البخاري ومسلم].

العفاف ليس انغلاقًا، بل هو وعيٌ منضبطٌ يحمي الإنسان من الوقوع في الحرام، ويجعل نظره ولسانه وجوارحه تحت رقابة الله قبل رقابة الناس.
ومن شبّ على الحياء، شبّ على الطاعة، ومن نشأ على العفاف، عاش كريمًا لا يبيع دينه ولا شرفه بلذةٍ زائلة.


ثانيًا: لماذا نُعلّم أبناءنا الحياء والعفاف منذ الصغر؟
لأنّ الطفولة هي أرض الغرس، وما يُزرع فيها يبقى أثره حتى الكِبر.
فمن تربّى على الحياء، استحيا أن يعصي ربَّه، ومن فُقد منه الحياء، سهل عليه ارتكاب الفاحشة ومتابعة الحرام.

ولأنّ زمننا اليوم زمن فتن مفتوحة: هواتف، ومواقع، وشاشات، وإعلانات، كلّها تُغري وتُفسد الفطرة إن لم تُحصّن من البداية.

ولأنّ العادة السرية والعلاقات المحرمة أصبحت تُسوَّق للشباب على أنها “حرية شخصية”، بينما هي في الحقيقة بوابةٌ لدمار النفس والروح.


ثالثًا: كيف نُربّي أبناءنا على الحياء والعفاف؟

🔸 بالقدوة الصالحة
ليَرَ الأبناء في والديهم عفّةً في النظر، وضبطًا في الكلام، واحترامًا للستر، فالحياء يُتعلَّم بالمشاهدة قبل التلقين.

🔸 بالحديث الصادق الهادئ
لا نخجل من الحديث معهم عن أجسادهم بقدرٍ من الحكمة والستر، نوضّح لهم أن للجسد حرمة، وأن الله يراهم في خلواتهم.
نُعلّمهم أن الحياء لا يعني الجهل، بل الفهم الصحيح للحدود التي وضعها الله.

🔸 بتعليمهم الثقافة الجنسية الشرعية
وهي معرفة ما أباحه الله وما حرّمه في أمور الجسد والعلاقات، وفق ضوابط الأدب والدين.
فنُخبرهم أن الزواج هو الطريق الوحيد للميل الفطري، وأنّ الشهوة ليست عيبًا، لكنّ صرفها في الحرام هو الخطر.

🔸 ببيان أضرار العادة السرية والمعاصي الخفية
نوضح لهم أن هذه الأفعال تُضعف الجسد، وتُطفئ نور القلب، وتزرع الهمّ والذنب، وتبعد العبد عن لذة الإيمان.
وأنّ من ضبط نفسه في الخفاء، رفعه الله في العلن.

🔸 بملء وقتهم بما ينفع
الفراغ أصل الفتنة، فانشغلوا أبناءكم بالعلم، والقراءة، والرياضة، والأنشطة المفيدة، ليصرفوا طاقتهم في النافع.

🔸 بتقوية علاقتهم بالله
من أحبّ الله، استحيا أن يعصيه. فعودوهم على الصلاة، والذكر، والدعاء، ومراقبة الله في السر والعلن.


رابعًا: أخطاء يقع فيها بعض الآباء

🔹 إهمال الحديث عن مسائل الحياء والجنس بحجة “العيب”.
🔹 ترك الأبناء يتعلمون هذه الأمور من الإنترنت أو الأصدقاء.
🔹 التركيز على المظاهر ونسيان بناء الوازع الداخلي.
🔹 معاقبة الأبناء بشدة إذا وقعوا في خطأ دون توجيهٍ أو احتواء.

وهذه الأخطاء تفتح باب الفضول والبحث عن الممنوع بطريقةٍ خاطئة، فيقع الأبناء فيما كان يمكن تفاديه بالتربية السليمة.


خامسًا: ملامح الابن العفيف والبنت العفيفة

🌿 يغضّ بصره عن الحرام طاعةً لله لا خوفًا من الناس.
🌿 يستحي من معصية الله ولو كان وحده.
🌿 لا ينجذب إلا لما يرضي ربه.
🌿 يختار رفقاءه بعفّةٍ وأدب.
🌿 يفرح بالقرب من الطاعة، ويستوحش من الذنوب.


🌸 سادسًا: التربية على الحياء عبادةٌ وأمانة
ليست التربية على العفاف “تحجيرًا”، بل تحريرٌ للنفس من عبودية الشهوة.
ومن ربّى أبناءه على الحياء، فقد حماهم من أذية الدنيا وعذاب الآخرة، وضمن لهم سعادةً لا تزول.


🌺 في موقع الزواج السعيد
نذكّر الآباء والأمهات أنّ العفاف لا يُورث بالمال، بل يُزرع بالتقوى، وأنّ الحياء ليس ضعفًا، بل هو تاج القوة والطهارة.
علّموا أبناءكم أن يكونوا عفيفين بالفطرة، واعين بالحق، فاهمين لدينهم، وأنّ الثقافة الشرعية هي درعهم ضد الانحراف.

فمن شبّ على الحياء، عاش طاهرًا سعيدًا،
ومن عاش بالعفاف، عاش كريمًا في الدنيا والآخرة.