تربية الأبناء على الدين… مسؤولية لا تقل عن الطعام واللباس
يظن بعض الآباء أن حبهم لأبنائهم يظهر فقط في إطعامهم، وكسوتهم، وتعليمهم، وتوفير وسائل الراحة لهم، وينسون أن أعظم غذاء يحتاجه الابن هو غذاء الروح والإيمان، وأن أعظم حماية له ليست من المرض، بل من الضلال والذنوب.
قال الله تعالى:
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا﴾
[التحريم: 6]
فأعظم واجبٍ على الوالدين أن يُنجوا أبناءهم من النار بتربيتهم على الدين والخلق، كما يحرصون على إطعامهم ووقايتهم من الجوع والبرد.
ثانيًا: مظاهر الخلل في تربية كثير من الآباء
كثير من الآباء اليوم يُتعب نفسه في جمع المال، ويحسب أنه بذلك يُحسن إلى أبنائه، لكنه ينسى أن تركهم بلا دين يعني تركهم في مهبّ الفتن.
فتراه يُعلّمه كيف يأكل بأدب، لكنه لا يُعلّمه كيف يُصلّي.
يُحرص على نظافته الجسدية، لكنه لا يحرص على طهارته القلبية.
يُتابع علاماته الدراسية، ولا يسأله عن صلاته أو صحبته.
هذه غفلة خطيرة، لأن الدين هو الذي يحفظه بعد موت والديه، وهو الذي يمنعه من الانحراف مهما كثرت المغريات.
🌿 ثالثًا: لماذا الدين أهم من كل شيء؟
-
لأن الدين هو الذي يُعلّمه الأمانة والإحسان للوالدين.
-
ولأنه إن تعلّم الدين، أصلح الله له دنياه وآخرته.
-
ولأنه بالحلال يعيش سعيدًا، وبالحرام يهلك ولو كان غنيًا.
-
ولأن المال واللباس يزولان، أما الإيمان فيبقى معه إلى قبره.
قال النبي ﷺ:
«إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم يُنتفع به، أو ولد صالح يدعو له.»
(رواه مسلم)
فانظر كيف جعل النبي ﷺ صلاح الولد هو أعظم ما ينتفع به الوالدان بعد موتهما.
💬 رابعًا: كيف يربّي الوالدان أبناءهما على الدين؟
-
القدوة الصالحة
فالأب الذي يُصلّي، والأم التي تتحجّب، هما أول درس عملي لأبنائهما. -
التربية بالحب لا بالخوف
علّمه أن الله رحيم، يحب من يطيعه، ولا تجعله يكره الدين بسبب القسوة. -
التحفيز والثناء
امدحه حين يُصلّي أو يقرأ القرآن، كما تمدحه حين ينجح في دراسته. -
اختيار البيئة الصالحة
مدرسة طيبة، وأصدقاء مستقيمون، ومحتوى نظيف، تحفظ له قلبه. -
الدعاء الدائم
أكثر من الدعاء لهم بالهداية، فقلوب الأبناء بين أصبعين من أصابع الرحمن.
🌸 خامسًا: رسالة إلى كل والدٍ ووالدة
اعلم أن التربية على الدين ليست أمرًا ثانويًا، بل هي أمانة عظيمة ستُسألان عنها يوم القيامة.
ولا تظن أن الحب هو كثرة العطاء المادي، بل الحب الحقيقي أن تأخذ بيد ابنك إلى الجنة.
قال بعض السلف:
“رَحِم الله والدًا أعان ابنه على برّه بالصلاح.”
🌺 في موقع الزواج السعيد
نذكّر كل والدٍ ووالدة بأن بناء الأسرة الصالحة يبدأ من غرس الإيمان في القلوب الصغيرة، وأن من أراد بيتًا سعيدًا فليجعل الدين أساسه.
فالسعادة ليست في كثرة المال، بل في صلاح الأبناء وصلاح القلوب.
ومن ربّى أبناءه على طاعة الله، فقد قدّم لهم أعظم هدية في الحياة والآخرة.

