تحبيب الأبناء في المساجد… تربية على الإيمان لا تُقدّر بثمن
أولًا: المسجد بيت الله ومصنع القلوب المؤمنة
المسجد ليس مجرد مكان للصلاة، بل هو مدرسة الإيمان الأولى، وميدان التربية على الطاعة، ومصدر النور الذي يشعّ في قلوب المؤمنين.
حين نأخذ أبناءنا إلى المسجد، فإننا لا نُعلّمهم فقط كيف يُصلّون، بل نُعلّمهم من يكون ربّهم، ولماذا خُلقوا، وكيف يعيشون حياة طاهرة مباركة.
لقد كان النبي ﷺ يُحب الصغار ويقرّبهم في المساجد، بل كان يطيل السجود إذا صعد أحدهم على ظهره، في مشهدٍ مليء بالرحمة والتربية.
وهكذا ينبغي أن تكون بيوت الله: رحيمة بالأطفال، حانية عليهم، مربيةً لهم على حبّ الطاعة.
ثانيًا: لماذا نُحبّب أبناءنا في المساجد؟
-
لأنّ المسجد يزرع في قلوبهم حبّ الله ورسوله منذ الصغر.
-
ولأنّ بيئة المسجد أنقى وأطهر من النوادي التي يغلب عليها اللهو والتقليد الأعمى.
-
ولأنّ الطفل الذي نشأ في بيت الله، لا تُغريه المعاصي حين يكبر.
-
ولأنّ الملائكة تُحيط بالمصلّين، والسكينة تنزل في المسجد، ومن شبّ في هذا الجوّ عاش قلبه نقيًا.
قال النبي ﷺ في السبعة الذين يُظلّهم الله في ظلّه يوم لا ظل إلا ظله:
«وشابٌ نشأ في عبادة الله.»
(متفق عليه)
فما أجمل أن يكون ابنك من هؤلاء!
ثالثًا: كيف نغرس فيهم حبّ المساجد؟
-
ابدأ بالقدوة العملية
كن أنت أول من يبادر للصلاة في المسجد، واصطحب أبناءك معك بابتسامة لا بأمرٍ جافّ.
دَعهم يروا الفرح في وجهك حين تذهب للصلاة، ليشعروا أن المسجد مكان يُحبّ لا يُرهَب. -
اجعل المسجد مكانًا للطمأنينة لا للخوف
لا توبّخه إن تحرّك أو أخطأ، بل علّمه بلطفٍ وهدوء.
فالقسوة تُنفّر، واللين يُحبّب. -
احكِ لهم قصصًا عن المساجد
عن مسجد النبي ﷺ، وعن الصحابة الذين تربّوا فيه، وعن فضل الصلاة في جماعة، لتتعلّق قلوبهم بالمكان قبل أجسادهم. -
ربط المكافآت بالمسجد
امدحه إذا صلّى مع الجماعة، أو قدّم له هدية صغيرة بعد المواظبة، فالتشجيع يُثبّت السلوك الإيماني. -
شاركهم الأنشطة في المسجد
كثير من المساجد اليوم تُقيم دروسًا وأنشطة للأطفال. شارك أبناءك فيها، ودعهم يشعرون أن المسجد مكان يُلهمهم لا يُقيّدهم.
رابعًا: الأخطاء التي تُنفّر الأبناء من المسجد
-
الصراخ أو التعنيف أمام الناس إذا أخطأوا في الصلاة.
-
جعل الذهاب للمسجد عقوبة بدل أن يكون مكافأة.
-
اصطحابهم إلى المسجد دون توعية، فيشعرون بالملل لغياب المعنى.
-
إهمال تشجيعهم أو الثناء عليهم بعد أدائهم الصلاة.
خامسًا: ثمار تربية الأبناء في المساجد
من تربّى في المسجد، تربّى على الصدق، والأدب، وحب الطاعة، والابتعاد عن الحرام.
فالطفل الذي يسمع القرآن والذكر كل يوم، لا يشبه من يسمع الصخب واللغو.
وما أجمل أن ترى ابنك يكبر قلبه معلّقًا بالمسجد، يفرح بالأذان، ويسعى للصلاة، ويجلس في الصف الأول طوعًا لا إلزامًا.
قال النبي ﷺ:
«سبعةٌ يُظلّهم الله في ظلّه يوم لا ظل إلا ظله… ورجلٌ قلبه معلّقٌ بالمساجد.»
(متفق عليه)
فكيف إذا كان قلبُ ابنك معلّقًا بها منذ صغره؟
سادسًا: المساجد أفضل من نوادي الأطفال
النوادي قد تُنمّي الجسد، لكن المساجد تُنمّي الروح والعقل والإيمان.
في النادي يتعلّم الطفل الترفيه، وفي المسجد يتعلّم الأدب والسكينة والنية الصالحة.
وفي زمنٍ كثرت فيه الفتن والمغريات، أصبح المسجد أمانًا من التيه، وميناءً للإيمان.
🌺 في موقع الزواج السعيد
نذكّر كل أبٍ وأمٍّ بأنّ تربية الأبناء على حبّ المساجد هي تربية على حبّ الله، وهي أعظم استثمارٍ لمستقبلهم في الدنيا والآخرة.
فمن أحبّ بيت الله، أحبّه الله، ومن اعتاد المساجد صغارًا، ثبتت أقدامهم على طريق الهداية كبارًا.
فلنحرص أن تكون أول خطوات أبنائنا نحو المسجد، لا نحو اللهو والضياع،
ولنجعل من بيوت الله موطنًا دائمًا لتربيتهم على النور والسكينة والإيمان.

