بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ

الزوج الذي يسبّ الدين

الزواج في الإسلام ميثاق غليظ يقوم على المودة والرحمة، لكنه لا يمكن أن يقوم إلا على أساس الإيمان بالله وتعظيم شعائره. ومن أعظم ما يُهدم به هذا الأساس أن يكون أحد الزوجين ـ والعياذ بالله ـ يسبّ الدين أو يستهزئ بشيءٍ من شرع الله. فذلك ذنب عظيم وخطر جسيم لا يُستهان به، لأنه يمسّ أصل الإيمان الذي عليه تُبنى الحياة الزوجية كلها.


⚖️ أولًا: سبّ الدين كفر مخرج من الملة

سبّ الدين أو الاستهزاء بشيءٍ من شرع الله أو بآياته أو برسوله ﷺ يُعد كفرًا بواحًا يخرج به الإنسان من الإسلام إن صدر منه عن علمٍ وإرادة.
قال تعالى:

﴿قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ، لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ﴾
[التوبة: 65-66]

وقال النبي ﷺ:

«إن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالًا يهوي بها في جهنم سبعين خريفًا.»
(رواه البخاري)

فليس في الإسلام شيء أشد خطرًا من الطعن في الدين أو الاستهزاء بشعائر الله.


🌿 ثانيًا: واجب الزوجة تجاه هذا الموقف

إذا ابتُليت المرأة بزوج يسبّ الدين، فعليها أن تتعامل مع الموقف بحزمٍ وحكمةٍ في آنٍ واحد، فدينها مقدم على كل شيء، بل هو حياتها وكرامتها.

  1. تنصحه وتذكّره بالله، بلطفٍ وحرصٍ على هدايته، فرب كلمة صادقة توقظ قلبه.

  2. تبيّن له أن ما يقوله كفر مخرج من الملة، وأن عليه أن يتوب فورًا إلى الله توبة نصوحًا.

  3. تدعو له بالهداية، وتلجأ إلى الله أن يُصلح حاله ويثبّته على الإيمان.

  4. تحافظ على دينها ولا تجامله في حدود الله، فلا طاعة لمخلوقٍ في معصية الخالق.


🚫 ثالثًا: لا يجوز شرعًا الاستمرار مع الزوج الذي يسبّ الدين

من يسبّ الدين أو يستهزئ بشريعة الله فقد كفر كفرًا صريحًا ما لم يتب ويرجع إلى الله بصدق، ولا يصحّ الزواج من كافر باتفاق العلماء.

قال الله تعالى:

﴿فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ﴾
[الممتحنة: 10]

🔸 فإن تاب توبة نصوحًا ورجع إلى الإسلام وأعلن إيمانه بالله واحترامه لدينه، عاد إليه حكم المسلم، ويجوز استئناف الحياة الزوجية معه بعد التوبة.
🔸 أما إن أصرّ على سبّ الدين أو الاستهزاء بالله أو رسوله أو شرعه، فحينئذٍ لا يجوز للزوجة البقاء معه، ويجب عليها مفارقته فورًا بعد مراجعة جهةٍ شرعية مختصة.

فالحياة الزوجية لا تُبنى على الكفر والاستهانة بالدين، بل على الإيمان والتقوى والخشية من الله.


💬 رابعًا: الصبر والدعاء

إذا كان الزوج يظهر بوادر ندمٍ أو رغبة في التوبة، فلتصبر الزوجة عليه وقتًا يسيرًا وتعينه على الرجوع إلى الله، فالهداية بيد الله وحده.
أما إن استهزأ ونفر وأصرّ على كفره، فحينها تقدّم دينها على قلبها، وتعلم أن الله سيعوّضها خيرًا.
قال تعالى:

﴿وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا، وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ﴾
[الطلاق: 2-3]


🌸 خاتمة

الإيمان هو الركيزة الأولى للحياة الزوجية، فإذا انهدمت سقط البناء كله.
ومن يسبّ الدين فقد هدم جدار الإيمان بيده، ولا يجتمع في بيتٍ واحدٍ من يؤمن بالله ومن يستهزئ به.
فالزوجة المؤمنة تحافظ على دينها وتدعو زوجها إلى التوبة، فإن تاب فالحمد لله، وإن أصرّ على كفره، فالفراق في الله خيرٌ من البقاء في معصيته.


🌿 في موقع الزواج السعيد

نذكّر بأن الزواج الصالح لا يقوم إلا على الإيمان الصادق والتعظيم لشعائر الله، وأنّ أول ما يُنظر إليه في شريك الحياة هو الدين والخلق.
وننصح كل مقبلٍ ومقبلةٍ على الزواج أن يتحرّوا عن صلاح العقيدة قبل أي أمرٍ آخر، فالحياة مع مؤمنٍ تثمر سكينة وبركة، أما مع من لا يُعظّم الله فمصيرها الشقاء والضياع.