الزواج ليس صفقة، بل شراكة عمر، تبدأ بنية طيبة، وتُبنى على دين وأخلاق، لا على مفاجآت بعد العقد.
ومن جمال الشريعة الإسلامية أنها شرعت ما يُسمى بـ الرؤية الشرعية، وهي نظرة يُباح فيها للخاطب أن يرى من يرغب في خطبتها، ضمن ضوابط شرعية تحفظ الحياء والكرامة.
❖ ما معنى الرؤية الشرعية؟
هي: نظر الخاطب إلى من يريد خطبتها، نظرًا جادًّا بقصد الزواج، وبشروط معيّنة أقرّها الشرع، حتى يقدم على الزواج عن بصيرة، ويعرف ما يُقبِل عليه.
قال رسول الله ﷺ:
“إذا خطب أحدكم المرأة، فإن استطاع أن ينظر إلى ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل”
[رواه أبو داود والنسائي وصححه الألباني]
❖ الحكمة من الرؤية الشرعية
-
تحقيق الاطمئنان النفسي للطرفين.
-
المساعدة في اتخاذ القرار بثقة دون تسرع أو تخمين.
-
منع المفاجآت بعد العقد والتي قد تؤدي إلى النفور أو الطلاق.
-
دفع الفتنة والوقوع في العلاقات المحرمة.
❖ ضوابط الرؤية الشرعية
حتى تكون الرؤية الشرعية جائزة ومثمرة، لا بد من توفر الشروط التالية:
-
✅ أن يكون القصد جادًّا في الزواج، لا للعب أو التسلية أو التجربة.
-
✅ أن تكون بحضور وليّ الفتاة أو أحد محارمها، لا تجوز الخلوة أو اللقاء السري.
-
✅ أن يرى الوجه والكفين فقط، وهي مواضع الجمال الظاهر، ولا يُبالغ في التمعّن أو النظر المريب.
-
✅ أن تكون بقدر الحاجة، دون تكرار أو تطويل الجلسة.
-
✅ أن لا يكون هناك تزيّن زائد أو تبرّج من الفتاة، بل تُرى على طبيعتها.
❖ تنبيهات مهمة
-
❌ لا يجوز للخاطب أن يُحدّث الفتاة أو يُراسلها قبل الرؤية بحجة التعارف.
-
❌ لا يجوز للفتاة أن تُظهر زينتها أو ترسل صورًا للخاطب.
-
❌ لا يُقال: “نخرج وحدنا ونتعرف”، فهذا من خطوات الشيطان، وليس من الرؤية الشرعية.
❖ خطوات عملية للرؤية الشرعية
-
يُبدي الشاب رغبته في خطبة الفتاة عبر وليها أو بواسطة آمنة.
-
يتحدد موعد للرؤية في مكان محترم، بوجود الولي.
-
يُعطى كل طرف فرصة للحديث بوقار وحياء ضمن حدود الأدب الشرعي.
-
بعد اللقاء، يُعطى الطرفان وقتًا للتفكير، ثم يُتخذ القرار إما بالمضي أو بالاعتذار.
✦ في “الزواج السعيد الإسلامي”:
نؤمن أن الرؤية الشرعية هي الخطوة الفاصلة بين التردد والجدية.
لهذا نُشجع على:
-
إتمامها وفق الضوابط الشرعية.
-
إشراك الأسرة من البداية.
-
احترام خصوصية الطرفين.
لا نسمح بأي تواصل مباشر بين الأعضاء، بل نُيسّر اللقاء الشرعي تحت إشراف مناسب، بما يُحقق الطمأنينة والاحترام.
❖ خلاصة:
الرؤية الشرعية ليست تقليدًا اجتماعيًا، بل تشريع نبويّ راقٍ، يحفظ القلب من التعلّق الزائف، ويحفظ العين من الحرام، ويجعل القرار مبنيًا على نور الشرع، لا ظلام العواطف المندفعة.