بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ

احرصوا على صحبة أبنائكم… فالرفيق الصالح نعمة، والرفيق السوء نقمة

أولًا: البداية من مسؤولية الوالدين
من أعظم الأمانات التي أودعها الله في أعناق الآباء والأمهات: تربية الأبناء وحفظهم من الانحراف.
وليس الحفظ فقط في طعامهم ولباسهم، بل في عقولهم وقلوبهم وأصدقائهم، لأن الصحبة هي البوابة الكبرى إلى صلاح الأبناء أو فسادهم.

قال النبي ﷺ:
«الرجل على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل».
[رواه أبو داود والترمذي]

فالولد قد يكون صالحًا في بيته، طيب القلب، لكنّه إن خالط رفقة السوء، جرّوه إلى المعصية والضياع خطوةً بعد خطوة، حتى يتبدّل حاله دون أن يشعر الوالدان.


ثانيًا: لماذا نُحذّر من ترك الأبناء للشارع؟
لأنّ الشارع لا يرحم، وهو مليءٌ بالفتن والشبهات والشهوات، وفيه من يجرّ إلى الانحراف، أو المخدرات، أو التمرد، أو ترك الصلاة، أو ضعف الدين.

ولأنّ رفقاء السوء أخطر من الأعداء، فالعدو قد يُؤذيك مرة، أما الصديق الفاسد فيفسد قلبك ودينك وعقلك على مهل، حتى يسرقك من نفسك وأهلك وربّك.

ولأنّ كثيرًا من القصص المؤلمة التي نسمعها اليوم – من انحرافٍ أو فسادٍ أو هروبٍ أو عقوق – بدأت من رفقةٍ سيئةٍ في الشارع أو عبر وسائل التواصل.


ثالثًا: كيف نحمي أبناءنا من رفقاء السوء؟

🔸 بالقرب الدائم منهم
اقترب من قلب ابنك قبل أن يقترب منه غيرك، كن صديقه ومستمعه وملجأه، حتى لا يبحث عن الأمان عند من يضره.

🔸 بالمتابعة دون تجسس
راقب من يصاحبون، أين يذهبون، ومع من يجلسون، دون أن تُشعرهم بالشكّ، بل بالحبّ والحرص.

🔸 بزرع الثقة والوعي
علّم أبناءك أن ليس كل من يضحك معهم صديق، ولا كل من يمدحهم يريد خيرهم.
اغرس فيهم القدرة على تمييز الصالح من الطالح، والحقّ من الباطل.

🔸 بربطهم بالمساجد والمجالس الطيبة
شجّعهم على الصلاة في المسجد، وعلى حضور دروس العلم أو أنشطة الخير، فهذه البيئات تزرع فيهم حب الصالحين وتبعدهم عن أهل السوء.

🔸 باختيار مدارس وبيئات صالحة
فالمكان الذي يتعلم فيه الابن يؤثر على شخصيته، وأخلاقه، وصُحبته المستقبلية.


رابعًا: أخطاء يقع فيها بعض الآباء

🔹 الانشغال عن الأبناء وتركهم للشارع بدعوى أنهم “رجال ويعرفون مصلحتهم”.
🔹 السماح لهم بمرافقة من لا يُعرف دينه أو خلقه.
🔹 تجاهل التغيّر المفاجئ في سلوكهم أو ألفاظهم.
🔹 عدم تربية الأبناء على اختيار الصديق الصالح منذ الصغر.

وهذه الأخطاء الصغيرة اليوم قد تُنتج كوارث غدًا، لأنّ القلوب الطيبة إذا اختلطت بالقلوب الفاسدة ولم تجد من يوجّهها، تغيّرت وتأثرت.


خامسًا: صفات الرفيق الصالح

🌿 أن يُقرّبك من الله لا أن يُبعِدك عنه.
🌿 أن يُذكّرك إذا نسيت، ويعينك إذا ضعفت.
🌿 أن يحفظ سرك، ويصدق في نصحك، ويحبّ لك الخير كما يحبّه لنفسه.
🌿 أن يرى فيك أخًا لا مصلحة، وصحبة لا منفعة.

فمن وجد مثل هذا الصديق، فليحمد الله، وليتمسك به، فالصديق الصالح نعمة نادرة في هذا الزمان.


🌸 سادسًا: التربية ليست منعًا بل بناء واحتواء
لا يكفي أن تقول لابنك “لا تصاحب فلانًا”، بل علّمه كيف يختار، ولماذا يرفض، ومتى يبتعد.
وازرع في قلبه أن من أحبّ الله، أحبّ أولياءه، وكره أعداءه، فحينها سيبتعد عن السيئ حبًا في الله، لا خوفًا منك.


🌺 في موقع الزواج السعيد
نذكّر الآباء والأمهات أن صلاح الأبناء لا يكتمل دون صحبةٍ صالحةٍ تحفظهم من الفتن.
فلا تتركوا أبناءكم للشارع، ولا للصدف، ولا لأصدقاء لا تعرفونهم.
أحِيطوهم بالحب والرقابة والقدوة، ووجّهوهم إلى من يُعينهم على الطاعة ويُقرّبهم إلى الله.

فالصاحب ساحب،
وإما أن يسحب ولدك إلى الجنة… أو إلى طريقٍ لا عودة منه إلا بندمٍ ودموعٍ.