بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ

أبناء الجيران وتأثيرهم على الأبناء

احذر أن تترك أبناءك لكل من يطرق بابهم


أولًا: الجار نعمة… ولكن ليست كل علاقة نافعة

الإسلام أوصى بالجار إحسانًا ورحمةً، فقال الله تعالى:

﴿وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ﴾ [النساء: 36]

لكن الإحسان إلى الجار لا يعني أن نترك أبناءنا يختلطون بأبناء الجيران دون تمييزٍ أو رقابة.
فليس كل جارٍ صالحًا، وليس كل بيتٍ ملتزمًا بآداب الإسلام.

كثيرٌ من الانحرافات، والمشكلات الأخلاقية، وحتى الإدمان والسلوك السيئ،
بدأت من باب الجار، حين ظن الوالدان أن اللعب معهم “شيء بسيط لا ضرر فيه”.


ثانيًا: أثر أبناء الجيران على تربية الأبناء

🔹 1. تقليد السلوك دون وعي

الطفل سريع التقليد، يتأثر بألفاظ أصدقائه وأسلوبهم في الكلام واللباس والتصرف،
فإن كان ابن الجار قليل الأدب أو متهاونًا بالدين،
انتقلت عدواه إلى بيتك وأبناءك دون أن تشعر.

🔹 2. انتشار الألفاظ القبيحة والعادات السيئة

كم من أبٍ تفاجأ أن ابنه بدأ يستخدم كلماتٍ بذيئة أو تصرفاتٍ غريبة،
وحين بحث عن السبب، وجدها من لعب الحيّ أو جلسات أبناء الجيران.

🔹 3. تسرب الفكر الفاسد

قد يحمل بعض الأطفال أفكارًا غربية أو استهزائية بالدين،
فينقلونها إلى أولادك في لحظات اللعب والضحك،
فتُزرع بذور الشك والاستهتار في قلبٍ طاهرٍ لم يكتمل وعيه بعد.

🔹 4. إفساد الأخلاق والعفة

خاصة في عمر المراهقة، قد تتكوّن صداقات مشبوهة بين الجنسين،
تبدأ بالضحك والحديث البريء، وتنتهي بعلاقاتٍ محرّمة ومصائب لا تُحمد عقباها.

ولهذا قال السلف:

“القرين بالمقارن يُقتدى.”
أي أن الصاحب يجرّ صاحبه إلى طريقه، خيرًا كان أو شرًّا.


ثالثًا: مسؤولية الوالدين في حماية الأبناء

أيها الأبوان،
الحياء والتربية لا تُكتسب من الشارع، بل تُزرع في البيت.
ومن يترك أبناءه بلا رقابة، كمن يرسلهم إلى بحرٍ متلاطمٍ بلا سفينة.

✅ 1. راقب أصدقاء أبنائك دون تجسس

اعرف من يصاحبون، واسأل عن بيوت جيرانك،
فقد يكون فيهم خير وصلاح، وقد يكون العكس.

✅ 2. ضع حدودًا للّعب والاختلاط

لا تجعل أبناءك يقضون اليوم كله عند الجيران،
فالبيت هو مكان التربية، لا الشارع.

✅ 3. علّم أبناءك مبدأ “الاختيار الصالح للصديق”

قل لهم كما قال النبي ﷺ:

«المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل.»
[رواه أبو داود والترمذي]

✅ 4. اصنع بيئة بديلة داخل البيت

اجعل البيت ممتعًا ومليئًا بالحب والنشاط،
حتى لا يبحث أبناؤك عن المتعة خارجًا بين رفقة السوء.

✅ 5. وجّه بلطف ولا تُعنّف

إذا منعت ابنك من صداقة أحدهم، فاشرح له السبب بحكمة،
حتى لا يشعر أنك تقيّده، بل أنك تحميه من ضررٍ لا يدركه بعد.


رابعًا: عندما يكون أبناء الجيران صالحين

إن رزقك الله جيرانًا طيبين ملتزمين، فهذه نعمة عظيمة،
يمكن أن يكون أبناؤهم رفقة خيرٍ على أبنائك،
يتعاونون على الصلاة، والعلم، والقراءة، والأنشطة النافعة.

لكن يجب أن تبقى الرقابة مستمرة،
لأن النفوس تتغير، والشيطان لا ينام.


🌸 خامسًا: ابنك أمانة… فاحفظها

الأبناء لا يُفسدهم الشارع وحده،
بل الصحبة السيئة هي التي تغيّر القلوب والعقول.
فاحرص على أن تكون صداقاتهم نظيفة،
وعلاقاتهم محدودة بالخير،
ولا تغترّ بابتسامة ابن الجار أو لطفه الظاهري،
فالأخلاق تُعرف بالمعاملة لا بالكلام.


🌺 في موقع الزواج السعيد

نذكّر الآباء والأمهات أن الوقاية خير من الندم،
وأن التربية ليست فقط إطعامًا ولباسًا،
بل هي رعاية القلوب والعقول من الفساد الخفي.

راقبوا أبناءكم بحبٍّ لا بتجسس،
وجالسوهم أكثر مما تجلسون على هواتفكم،
واختاروا لهم من يصاحبون،
فمن عاش مع الصالحين صلح،
ومن عاش مع الغافلين ضلّ الطريق.

قال الله تعالى:
﴿وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ﴾ [الكهف: 28]